القول في سورة نوح
(وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ نَباتاً (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها وَيُخْرِجُكُمْ إِخْراجاً) (١٨) [نوح : ١٧ ـ ١٨] هذا من أدلة البعث ، وهو أحسن ما مر بنا ؛ إذ فيه استواء الأصل والفرع في النبات ، أي هو ـ عزوجل أنبتكم من الأرض أولا ، وكذلك ينبتكم منها آخرا ، ومعنى الإنبات الإنشاء وهو أنشأكم من الأرض مبدئا كذلك ينشئكم منها معيدا.
(وَقَدْ أَضَلُّوا كَثِيراً وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا ضَلالاً) (٢٤) [نوح : ٢٤] هذا من نوح كقول موسى : (وَقالَ مُوسى رَبَّنا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوالاً فِي الْحَياةِ الدُّنْيا رَبَّنا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلى أَمْوالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) (٨٨) [يونس : ٨٨] لعله كان بوحي أو إذن.
(مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) (٢٥). [نوح : ٢٥] يحتج به على ما مرّ منه عرضهم على النار غدوا وعشيا ، وعذاب البرزخ ؛ لتعقيب إغراقهم بإدخالهم النار فهم الآن فيها ، وهو لا في الدنيا ولا في الآخرة بعد القيامة ، فهم في الواسطة بينهما وهي البرزخ.
* * *