القول في سورة الضحى
(وَوَجَدَكَ ضَالًّا فَهَدى) (٧) [الضحى : ٧] قيل : إنه ضل عن جده عبد المطلب وهو طفل ، وقيل : ضل في أنوار الملكوت ليلة المعراج فهداه الله ـ عزوجل ـ إليه ، وقيل :
لما نشأ بين قوم كفار انعقد له سبب الضلال ، فلولا أن أنقذه الله ـ عزوجل ـ من ملتهم بهداه ووحيه لضل ، فسمى انعقاد سبب الضلال ضلالا على المجاز ، كما يقال : وجدت فلانا غريقا فأنقذته أو قتيلا بين أعدائه فأحييته ونحوه ، إذا انعقد له سبب ذلك ، وفي هذه الآية نحو عشرين قولا هذا أقر بها إلى التحقيق ، وإليه يرجع قوله ـ عزوجل ـ : (وَكَذلِكَ أَوْحَيْنا إِلَيْكَ رُوحاً مِنْ أَمْرِنا ما كُنْتَ تَدْرِي مَا الْكِتابُ وَلَا الْإِيمانُ وَلكِنْ جَعَلْناهُ نُوراً نَهْدِي بِهِ مَنْ نَشاءُ مِنْ عِبادِنا وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٥٢) [القيامة : ٥٢].
* * *
القول في سورة ألم نشرح لك صدرك
هو شرح حسي بشق جوفه حتى أخرج حظ الشيطان منه ، وعقلي بخلق دواعي الإيمان فيه كما سبق في «الأنعام» وغيرها.
(فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً (٥) إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) (٦) [الشرح : ٥ ، ٦] لما كرر العسر معرفا كان واحدا ، ولما كرر اليسر منكرا كان متعددا ، ومن ثم قال ابن عباس ـ رضي الله عنهما ـ : «لن يغلب عسر يسرين» (١) ، واعلم أن الاسم إذا تكرر مرتين ، فإما أن يكون معرفا فيهما فهو واحد ، نحو : لقيت الرجل فقلت للرجل ، أو منكرا فيهما فيتعدد نحو : لقيت رجلا فقلت لرجل ، أو يتنكر في الأولى فقط فيتحد نحو : لقيت رجلا فقلت للرجل ، أو بالعكس فيتعدد نحو : لقيت لرجل فقلت الرجل ، والآية تضمنت الطرفين الأولين من هذه القسمة.
__________________
(١) رواه مالك [٢ / ٤٤٦] والحاكم [٢ / ٥٧٥].