القول في سورة الطور
(يَوْمَ تَمُورُ السَّماءُ مَوْراً) (٩) [الطور : ٩] أي : تموج وتضطرب ، وذلك مستلزم لتحركها حركة مستقيمة ، خلافا للفلاسفة في أن الأفلاك لا تقبل الحركة المستقيمة ، اللهم إلا أن يدعوا أو يثبت في الهيئة أن السماء غير الفلك ، فلا يكون في هذه حجة عليهم ، لجواز أن تضطرب السماء بحركة مستقيمة دون الفلك.
(اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) (١٦) [الطور : ١٦] هذا / [١٩٢ ب / م] أمر بمعنى التسوية ، وهو من أقسام ما وردت له صيغة «افعل».
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ) (١٧) [الطور : ١٧] الآيات ، فيها إثبات النعيم والعذاب المحسوسين.
(فَذَكِّرْ فَما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِكاهِنٍ وَلا مَجْنُونٍ) (٢٩) [الطور : ٢٩] فيه الشهادة الإلهية بصدق النبي صلىاللهعليهوسلم وأن النبوة نعمة ، وأن الكهانة والجنون بلاء ، كأنه ـ عزوجل ـ يقول : ما أنت بنعمة ربك مصاب في دينك بالكهانة ولا في عقلك بالجنون.
(أَمْ يَقُولُونَ تَقَوَّلَهُ بَلْ لا يُؤْمِنُونَ (٣٣) فَلْيَأْتُوا بِحَدِيثٍ مِثْلِهِ إِنْ كانُوا صادِقِينَ) (٣٤) [الطور : ٣٣ ـ ٣٤] هذا من آيات التحدي [بالقرآن المصحح لكونه معجزا ، فلما لم يأتوا بمثله مع هذا التحدي] دل على عجزهم وأنه معجز ، ولو أن شخصا أتى بما يعجز عنه الجن والإنس وسائر العالم ولم يتحدهم به لم يسم ذلك معجزا شرعيا ، ولا الآتي به نبيا.
(أَمْ خُلِقُوا مِنْ غَيْرِ شَيْءٍ أَمْ هُمُ الْخالِقُونَ) (٣٥) [الطور : ٣٥] هذا من أدلة إثبات الصانع ، وتقريره : أن هؤلاء الكفار لا يخلو : إما أنهم خلقوا من غير خالق ، أو أنهم خلقوا أنفسهم ، أو خلقهم غيرهم ، والأول باطل ، إذ خلق بلا خالق تناقض ، ووجود معلول بلا علة وهو محال.
والثاني باطل ؛ لأن خلقهم أنفسهم يستلزم اجتماع وجودهم وعدمهم معا حال الخلق ، وإنه محال ؛ لأن كونهم أثرا يقصد إخراجه إلى الوجود يقتضي عدمهم ، وكونهم مؤثرا يقتضي وجودهم ؛ فتعين الثالث ، وهو أن غيرهم خلقهم وهو الصانع القديم ، وهذه الآية التي لما سمعها جبير بن مطعم من النبي صلىاللهعليهوسلم يتلوها في صلاة المغرب قال : «كاد ينخلع لها