(وَمِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللهُ عَلى قُلُوبِهِمْ وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ) (١٦) [محمد : ١٦] أي خلقا.
(وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (١٧) [محمد : ١٧] يستدل به على قبول الإيمان والهدى والزيادة والنقصان.
(فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ) (١٨) [محمد : ١٨] يستدل به على قربها ؛ لأن علامات الشيء ومقدماته تدل على قربه ، وقد سبق أن القرب والبعد أمران إضافيان.
(فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) (١٩) [محمد : ١٩] يحتج به على تقديم / [١٨٦ أ / م] أصول الدين كالتوحيد على فروعه كالاستغفار وغيره ؛ لتقديمه التوحيد هاهنا ، ولأن رتبة الأصل قبل رتبة الفرع ، وعلى أن المعتبر في الأصول العلم لا غيره ؛ لقوله : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَاللهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَمَثْواكُمْ) (١٩) [محمد : ١٩] وهذا فيه تفصيل ، وهو أن ما كان من القضايا الأصولية بديهيّا استوى فيه العالم وغيره ، واعتبر فيه العلم ، وما كان نظريا فإن كان قريبا من البديهي جاز أن يكلف العامي بالنظر فيه ليعلم ، وإن لم يكن قريبا بعد أن يكلف به العامي لإفضائه إلى تعطيل معاشه خصوصا مع كثرة الشبه ودقتها ، وقد كان النبي صلىاللهعليهوسلم يقنع من عامة الناس بمجرد التصديق والانقياد / [٣٨٧ / ل] لما جاء به ، ولو وجب العلم النظري عليهم بينه لهم.
(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (٢٢) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمى أَبْصارَهُمْ) (٢٣) [محمد : ٢٢ ـ ٢٣] يحتج به على جواز لعن يزيد ، وقد اختلف فيها ؛ فمنهم من منعه حسما لمادة الترقي إلى من فوقه ، ومنهم من أجازه لفجوره وقطعه الرحم الواجب صلتها.
وقد حكي عن أحمد أنه سئل عن لعن يزيد ؛ فقال : ألا يجوز لعن من لعنه الله في كتابه؟ ثم تلا هذه الآية. فقيل له : [لم لا] تلعنه أنت؟ فقال : ومن لعنت أنا حتى ألعن يزيد. فمن الناس من اقتدى بفعل أحمد في الترك ، ومنهم من اقتدى بفتياه في اللعن.