تعليل الفقهاء في بعض أحكامهما بأن بينهما جزئية وبعضية ، وأكد ذلك قوله صلىاللهعليهوسلم «فاطمة بضعة مني» أي : قطعة وجزء.
(أَمِ اتَّخَذَ مِمَّا يَخْلُقُ بَناتٍ وَأَصْفاكُمْ بِالْبَنِينَ) (١٦) [الزخرف : ١٦] الآيتين ، سبق نظيره في النحل وسبحان.
(أَوَمَنْ يُنَشَّؤُا فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ فِي الْخِصامِ غَيْرُ مُبِينٍ) (١٨) [الزخرف : ١٨] فيه إشارة إلى أمور :
أحدها : أن الزينة والترف والعي كالفطرة والغريزة للنساء ، إذ معنى الكلام : أتجعلون لله من شأنه هذه الصفات.
الثاني : أن البيان مقصود في الخصام ، وأن الغلبة في الجدال أعظم منها في الجلاد ، لأن الإنسان أكثر ما يصارع بجلاده ألفا ، وهو بجداله وحسن بيانه قد يصرع ألوفا بل أمما.
الثالث : مدح البيان والثناء على أهله ، وهو إفهام المعنى على الوجه التام بطريق سهل عام ، ومأخذ ذلك من قياس العكس ؛ لأنه لما ذم غير المبين دل على مدح المبين ، وإلا استوى النقيضان في الحكم ، وإنه محال.
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١٩) [الزخرف : ١٩] فيها إشارة إلى أمور :
أحدها : أن جعل يكون بمعنى سمى / [١٨٢ ب / م] واعتقد ، أي : سموا الملائكة واعتقدوهم إناثا ، [وقد نوقض على من احتج على خلق القرآن بقوله : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٣) [الزخرف : ٣] لأن المجعول مخلوق ؛ فقيل له يبطل بقوله :
(وَجَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ سَتُكْتَبُ شَهادَتُهُمْ وَيُسْئَلُونَ) (١٩) [الزخرف : ١٩] مع أنهم لم يخلقوهم ، ولا يصح هذا النقض ، وإنما يصح أن لو صح هذا المعنى في : (إِنَّا جَعَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) (٣) [الزخرف : ٣] لكنه لا يصح أن يقال : إنا سميناه أو اعتقدنا قرآنا ، وإنما هو بمعنى : صيرناه قرآنا عربيا مع قدرتنا / [٣٧٨ ل] على أن نصيره عبرانيا أو سريانيا.
الثاني : أن الملائكة ذكور لوجهين :
أحدهما : أنه سماهم عباد الرحمن ، وواحد العباد عبد ، هو اسم للذكر العاقل في لسان العرب.