[المجادلة : ٧] الآيات مع قوله صلىاللهعليهوسلم : «إن المصلي يناجي ربه» (١) «إن الله بين أحدكم وبين قبلته» (٢) «إنكم لا تدعون أصم ولا غائبا إنكم تدعون سميعا قريبا ، إنه أقرب إلى أحدكم من عنق راحلته» (٣).
قالوا : وهذه نصوص كثيرة ظاهرة في أنه مع العالم بذاته ، فلا يجوز تأويلها على أنه معهم بعلمه ، لوجهين :
أحدهما : أنه خلاف الظاهر ، ولا قاطع يوجبه.
الثاني : أن المخالف فريقان :
أحدهما : لا يرى تأويل آيات الصفات ؛ فلا يجوز له تأويل هذه النصوص وإلا لزمه التأويل في الباقي.
والثاني : من يرى التأويل لكن التأويل لا بد له من دليل موجب له ، قاطع أو راجح على المؤول ، وكل دليل يبديه مما يوجب التأويل يلزمه مثله في مذهب التأويل ؛ فيستوي التأويل وعدمه في لزوم المحال عليه عنده ، وحينئذ يترجح ترك التأويل ؛ لأنه الأصل.
بيان ذلك المؤول لهذه الآيات على العلم إما مثبت للجهة ، أو ناف لها ، فإن كان مثبتا للجهة ؛ فهو إنما يتأول هذه الآيات على أنها بالعلم ؛ لئلا يلزم من سريان الذات القديمة في العالم مباشرتها للمحدثات ؛ فيجري عليها ما يجري على المحدثات ، أو لئلا يلزمها التحيز والانحصار في داخل كرة العالم. وكلا الأمرين باطل ، أما الأول فلأن الزئبق يباشر غيره من الجواهر ، وهو / [١٧٤ / ل] بطبيعته وصقالته لا يتلوث بها ، ولا يتأثر ؛ فجاز أن يكون للذات القديمة خاصة تمنعها من التأثر بالمحدثات عن مباشرتها لها ، وأما الثاني فلازم لهم في كونه على العرش مختصا بذاته بجهة فوق ، فإنه حينئذ لا يخلو من أن يكون مطابقا للعرش في المقدار ، أو أصغر أو أكبر ، وعلى كل تقدير يلزم منه التحيز والجسمية أو الجوهرية فقد لزمهم من مذهبهم ما فروا منه في مذهب الاتحاد ، وإن كان نافيا للجهة ؛ فهو إنما يفر من سريانه بذاته في الوجود من لزوم التحيز والانحصار ، وهو لازم له قطعا ؛ لأن نفاة / [٨٢ أ / م] الجهة اتفقوا على أن الباري
__________________
(١) رواه مالك [١ / ٨٠] ح [١٧٧] والنسائي في الكبرى [٢ / ٢٦٤] ح [٣٣٦٤] و [٥ / ٣٢] ح [٨٠٩١].
(٢) رواه البخاري [١ / ١٥٩ ، ١٦١] ح [٣٩٧ ، ٤٠٧].
(٣) رواه البخاري [٤ / ١٥٤١] ح [٣٩٦٨] وأبو داود [٢ / ٨٧] ح [١٥٢٦] والنسائي [٤ / ٣٩٨] ح [٧٦٧٩] و [٥ / ٢٥٥] ح [٨٨٢٤] وابن حبان [٣ / ٨٤] ح [٨٠٤].