لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣) إِنَّ اللهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يُرِيدُ (١٤) مَنْ كانَ يَظُنُّ أَنْ لَنْ يَنْصُرَهُ اللهُ فِي الدُّنْيا وَالْآخِرَةِ فَلْيَمْدُدْ بِسَبَبٍ إِلَى السَّماءِ ثُمَّ لْيَقْطَعْ فَلْيَنْظُرْ هَلْ يُذْهِبَنَّ كَيْدُهُ ما يَغِيظُ (١٥) وَكَذلِكَ أَنْزَلْناهُ آياتٍ بَيِّناتٍ وَأَنَّ اللهَ يَهْدِي مَنْ يُرِيدُ (١٦) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصارى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ (١٧))
(وَتَرَى) أرض النفس (هامِدَةً) ميتة بالجهل لا نبات فيها من الفضائل والكمالات. (فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا) ماء العلم من سماء الروح (اهْتَزَّتْ) بالحياة الحقيقية (وَرَبَتْ) بالترقي في المقامات والمراتب (وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِ) صنف (بَهِيجٍ) من الكمالات والفضائل المزينة لها (ذلِكَ) سبب (بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُ) الثابت الباقي وما سواه هو المغيّر الفاني (وَأَنَّهُ يُحْيِ) موتى الجهل بفيض العلم في القيامة الوسطى كما يحيي موتى الطبع في القيامة الصغرى (وَأَنَّ السَّاعَةَ) بالمعنيين (آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) أي : قبر البدن من موتى الجهل في الساعة الوسطى بالقيام في موضع القلب والعود إلى الفطرة وحياة العلم كما يبعث موتى الطبع في النشأة الثانية والقيامة الصغرى (بِغَيْرِ عِلْمٍ) أي : استدلال (وَلا هُدىً) ولا كشف ووجدان (وَلا كِتابٍ) ولا وحي وفرقان (يَدْعُوا) مما سوى الله (ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ) كائنا ما كان فإن الاحتجاب الغيري (هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ) عن الحق وإنما كان ضرّه أقرب من نفعه لأن دعوته والوقوف معه يحجبه عن الحق.
[١٨ ـ ٢٠] (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذابُ وَمَنْ يُهِنِ اللهُ فَما لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللهَ يَفْعَلُ ما يَشاءُ (١٨) هذانِ خَصْمانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ فَالَّذِينَ كَفَرُوا قُطِّعَتْ لَهُمْ ثِيابٌ مِنْ نارٍ يُصَبُّ مِنْ فَوْقِ رُؤُسِهِمُ الْحَمِيمُ (١٩) يُصْهَرُ بِهِ ما فِي بُطُونِهِمْ وَالْجُلُودُ (٢٠))
(يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ) من الملكوت السماوية والأرضية وغيرهم مما عدّ ومما لم يعد من الأشياء بالانقياد والطاعة والامتثال لما أراد الله منها من الأفعال والخواص وأجرى عليها شبه تسخيرها لأمره وامتناع عصيانها لمراده وانقهارها تحت قدرته بالسجود الذي هو غاية الخضوع ، ولما لم يمكن لشيء منها إلا للإنسان التابع للشيطان في ظاهر أمره دون باطنه خصّ عموم كثير من الناس الذين حقّ عليهم العذاب وحكم بشقاوتهم في الأزل وهم الذين غلبت عليهم الشيطنة ولزمتهم الزلّة والشقوة (وَمَنْ يُهِنِ اللهُ) بأن يجعل