سورة الهمزة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٣]
(وَيْلٌ لِكُلِّ
هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ (١) الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ (٢) يَحْسَبُ أَنَّ
مالَهُ أَخْلَدَهُ (٣) وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ)
أي : الذي تعوّد
بالرذيلتين وضري بهما ، فإن هذه الصيغة للعادة. والهمز أي : الكسر من أعراض الناس ،
واللمز أي : الطعن فيهم ، رذيلتان مركبتان من الجهل والغضب والكبر لأنهما يتضمنان
الإيذاء وطلب الترفع على الناس وصاحبهما يريد أن يتفضل على الناس ولا يجد في نفسه
فضيلة يترفع بها فينسب العيب والرذيلة إليهم ليظهر فضله عليهم ولا يشعر أن ذلك عين
الرذيلة وأن عدم الرذيلة ليس بفضيلة ، فهو مخدوع من نفسه وشيطانه موصوف برذيلتي
القوة النطقية والغضبية. ثم أبدل منه الوصف برذيلة القوة الشهوانية بقوله : (الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ)
وفي عدّده إشارة
أيضا إلى الجهل لأن الذي جعل المال عدّة للنوائب لا يعلم أن نفس ذلك المال يجرّ
إليه النوائب لاقتضاء حكمة الله تفريقه بالنائبات فكيف يدفعها وكذا في قوله : (يَحْسَبُ أَنَّ مالَهُ أَخْلَدَهُ)
أي : لا يشعر أن
المقتنيات المخلّدة لصاحبها هي العلوم والفضائل النفسانية الباقية لا العروض
والذخائر الجسمانية الفانية ولكنه مخدوع بطول الأمل مغرور بشيطان الوهم عن بغتة
الأجل ، والحاصل أن الجهل الذي هو رذيلة القوة الملكية أصل جميع الرذائل ومستلزم
لها فلا جرم أنه يستحق صاحبها المغمور فيها العذاب الأبدي المستولي على القلب
المبطل لجوهره.
[٤ ـ ٧]
(كَلاَّ لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ (٤) وَما أَدْراكَ مَا الْحُطَمَةُ (٥)
نارُ اللهِ الْمُوقَدَةُ (٦) الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (٧))
(كَلَّا)
ردع عن حسبان وقوع
الممتنع (لَيُنْبَذَنَ)
أي : ليسقطنّ عن
مرتبة فطرته إلى رتبة الطبيعة الغالبة وهي الحطمة التي عادتها كسر كل ما وقع في
رتبتها باستيلاء قوّتها عليه وهي النار الروحانية المنافية لجوهر القلب المؤلمة له
إيلاما لا يوصف كنهه المستعلية عليه النافذة في أشرف وجهه وباطنه ، وأعلاه الذي هو
الفؤاد المتصل بالروح.
[٨ ـ ٩]
(إِنَّها عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (٨) فِي عَمَدٍ مُمَدَّدَةٍ (٩))