[٢٣ ـ ٢٤] (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ تَنْزِيلاً (٢٣) فَاصْبِرْ لِحُكْمِ رَبِّكَ وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً أَوْ كَفُوراً (٢٤))
(إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنا عَلَيْكَ الْقُرْآنَ) بذاتنا دون من عدانا (فَاصْبِرْ لِحُكْمِ) التجلي الأحدي الذاتي في مقام الفناء مع بلاء ظهور الأنانية والبقية ، فإن الربّ في مقام نزول الصفات هو الذات وحدها (وَلا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِماً) محتجبا بالصفات والأحوال أو بذاته عن الذات وبصفات نفسه وهيئاتها عن الصفات (أَوْ كَفُوراً) محتجبا بالأفعال والآثار واقفا معها بأفعاله ومكسوباته عن الأفعال فتحتجب بموافقتهم.
[٢٥] (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ بُكْرَةً وَأَصِيلاً (٢٥))
(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) أي : ذاتك الذي هو الاسم الأعظم من أسمائه بالقيام بحقوقه وإظهار كمالاته (بُكْرَةً وَأَصِيلاً) في المبدأ والمنتهى بالصفات الفطرية من وقت طلوع النور الإلهي بإيجادها في الأزل وإيداع كمالاته فيها وغروبه بتعيينها واحتجابه بها وإظهارها مع كمالاتها.
[٢٦] (وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلاً طَوِيلاً (٢٦))
(وَمِنَ اللَّيْلِ) وخصص مقام النفس أو القلب حال البقاء بعد الفناء والرجوع إلى الخلق للتشريع بسجود الفناء والعبادة الحقانية فإن الدعوة لا تمكن إلا بحجاب القلب ووجود النفس (فَاسْجُدْ لَهُ) سجود الفناء برؤية بقاء نفسك بالحق وفناء البشرية بالكلية فتكون موجودا به لا بها ، ونزّهه عن المعيّة والاثنينية والأنانية وظهور البقية (لَيْلاً طَوِيلاً) بقاء دائما أبديّا ما دمت في ذلك المقام.
[٢٧] (إِنَّ هؤُلاءِ يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ يَوْماً ثَقِيلاً (٢٧))
(إِنَّ هؤُلاءِ) أي : المحتجبين بالآثار والأفعال أو الصفات (يُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) أي : شاهدهم الحاضر من الذوق الناقص (وَيَذَرُونَ وَراءَهُمْ) يوم التجلي الذاتي ، أي : القيامة الكبرى الشاق المعتبر الذي لا يحتمله أحد.
[٢٨] (نَحْنُ خَلَقْناهُمْ وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ تَبْدِيلاً (٢٨))
(نَحْنُ خَلَقْناهُمْ) بتعيين استعداداتهم (وَشَدَدْنا أَسْرَهُمْ) قوّيناهم بالميثاق الأزلي والاتصال الحقيقي (وَإِذا شِئْنا بَدَّلْنا أَمْثالَهُمْ) بأن نسلب أفعالهم بأفعالنا ونمحو صفاتهم بصفاتنا ، ونفني ذواتهم بذواتنا فيكونوا أبدالا.
[٢٩ ـ ٣٠] (إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (٢٩) وَما تَشاؤُنَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللهُ إِنَّ اللهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً (٣٠))