(وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) الذي هو أنت ، أي : اعرف نفسك واذكرها ولا تنساها فينساك الله ، واجتهد لتحصيل كمالها بعد معرفة حقيقتها (وَتَبَتَّلْ) وانقطع إلى الله بالإعراض عما سواه انقطاعا تاما معتدّا به (رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ) أي : الذي ظهر عليك نوره فطلع من أفق وجودك بإيجادك ، والمغرب الذي اختفى بوجودك وغرب نوره فيك واحتجب بك (لا إِلهَ) في الوجود (إِلَّا هُوَ) أي : لا شيء في الوجود يعبد غيره ، هو الأول والآخر ، والظاهر والباطن (فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً) أي : انسلخ عن فعلك وتدبيرك برؤية جميع الأفعال منه فيكون أمرك موكولا إليه يدبر أمرك ويفعل بك ما يشاء فكنت متوكلا.
[١٠ ـ ١١] (وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً (١٠) وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً (١١))
(وَاصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ) واحبس نفسك عن الطيش والاضطراب والحركة في طلب الرزق والاهتمام به على ما توسوس إليك قوى نفسك وتلقي إليك من خواطر الوهم ودواعي الشهوة ونوازغ الهوى فتبعثك وتتعبك في حوائجك (وَاهْجُرْهُمْ) بالإعراض عنهم (هَجْراً) مبنيا على العلم الشرعيّ والعقلي لا على الهوى والرعونة (وَذَرْنِي) وإياهم فإنهم المكذبون بمقام التوكل وتكفلي بحوائجك لاحتجابهم بما أنعمت عليهم من نعمة الإدراك والشعور والقدرة والإرادة عني فلا يشعرون إلا بقواهم وقدرهم ولا يصدّقون قولي (وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) ريثما أسلب عنهم القوة والقدرة بتجلي الصفات فيظهر عجزهم.
[١٢ ـ ١٣] (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً وَجَحِيماً (١٢) وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ وَعَذاباً أَلِيماً (١٣))
(إِنَّ لَدَيْنا) قيودا شرعية وتكاليف مانعة لهم عن أفعالها (وَجَحِيماً) من حر نار التعب في الطلب (وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ) من مخالفات طباعهم وحقوقهم بدل حظوظهم (وَعَذاباً أَلِيماً) من أنواع الرياضة والمجاهدة.
[١٤ ـ ٢٠] (يَوْمَ تَرْجُفُ الْأَرْضُ وَالْجِبالُ وَكانَتِ الْجِبالُ كَثِيباً مَهِيلاً (١٤) إِنَّا أَرْسَلْنا إِلَيْكُمْ رَسُولاً شاهِداً عَلَيْكُمْ كَما أَرْسَلْنا إِلى فِرْعَوْنَ رَسُولاً (١٥) فَعَصى فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ فَأَخَذْناهُ أَخْذاً وَبِيلاً (١٦) فَكَيْفَ تَتَّقُونَ إِنْ كَفَرْتُمْ يَوْماً يَجْعَلُ الْوِلْدانَ شِيباً (١٧) السَّماءُ مُنْفَطِرٌ بِهِ كانَ وَعْدُهُ مَفْعُولاً (١٨) إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً (١٩) إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ وَنِصْفَهُ وَثُلُثَهُ وَطائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ فَتابَ عَلَيْكُمْ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِنْ فَضْلِ اللهِ وَآخَرُونَ يُقاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَأَقْرِضُوا اللهَ قَرْضاً حَسَناً وَما تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً وَاسْتَغْفِرُوا اللهَ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٢٠))