عليك هو الحمد الحقيقي (قَبْلَ طُلُوعِ) شمس الذات حال الفناء (وَقَبْلَ غُرُوبِها) باستتارها عند ظهور صفات النفس ، أي : في مقام القلب حال تجلي الصفات ، فإن تسبيح الله هناك محو صفات القلب (وَمِنْ آناءِ اللَّيْلِ) أي : أوقات غلبات صفات النفس المظلمة والتلوينات الحاجبة (فَسَبِّحْ) بالتزكية (وَأَطْرافَ) نهار إشراق الروح على القلب بالتصفية (لَعَلَّكَ) تصل إلى مقام الرضا الذي هو كمال مقام تجلي الصفات وغايته.
[١٣١ ـ ١٣٥] (وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى ما مَتَّعْنا بِهِ أَزْواجاً مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَياةِ الدُّنْيا لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَرِزْقُ رَبِّكَ خَيْرٌ وَأَبْقى (١٣١) وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْها لا نَسْئَلُكَ رِزْقاً نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعاقِبَةُ لِلتَّقْوى (١٣٢) وَقالُوا لَوْ لا يَأْتِينا بِآيَةٍ مِنْ رَبِّهِ أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى (١٣٣) وَلَوْ أَنَّا أَهْلَكْناهُمْ بِعَذابٍ مِنْ قَبْلِهِ لَقالُوا رَبَّنا لَوْ لا أَرْسَلْتَ إِلَيْنا رَسُولاً فَنَتَّبِعَ آياتِكَ مِنْ قَبْلِ أَنْ نَذِلَّ وَنَخْزى (١٣٤) قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحابُ الصِّراطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدى (١٣٥))
(وَلا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ) في التلوينات النفسية وظهور النفس بالميل إلى الزخارف الدنيوية ، فإنها صور ابتلاء أهل الدنيا (وَرِزْقُ رَبِّكَ) من الحقائق والمعارف الأخروية والأنوار الروحانية (خَيْرٌ وَأَبْقى) أفضل وأدوم (وَأْمُرْ أَهْلَكَ) القوى الروحانية والنفسانية بصلاة الحضور والمراقبة والانقياد والمطاوعة (وَاصْطَبِرْ) على تلك الحالة بالمجاهدة والمكاشفة (لا نَسْئَلُكَ) لا نطلب منك (رِزْقاً) من الجهة السفلية كالكمالات الحسيّة والمدركات النفسية (نَحْنُ نَرْزُقُكَ) من الجهة العلوية المعارف الروحانية والحقائق القدسية (وَالْعاقِبَةُ) التي تعتبر وتستأهل أن تسمى عاقبة للتجرّد عن الملابس البدنية والهيئات النفسانية (أَوَلَمْ تَأْتِهِمْ بَيِّنَةُ ما فِي الصُّحُفِ الْأُولى) من الحقائق والحكم والمعارف اليقينية الثابتة في الألواح السماوية والأرواح العلوية ، والله تعالى أعلم.