من المدركات الجزئية والكلية اللذيذة كالمحسوسات والمخيلات والموهومات والمعاني الكلية القلبية (لا مَقْطُوعَةٍ) لكونها غير متناهية (وَلا مَمْنُوعَةٍ) لكونها اختيارية كلما شاؤوا أين شاؤوا وجدوها (وَفُرُشٍ مَرْفُوعَةٍ) من فضائل الأخلاق والهيئات النورانية النفسية المكتسبة من الأعمال الحسنة ، رفعت عن مرتبة الهيئات البدنية والجهة السفلية إلى حيز الصدر الذي هو الجهة العليا من النفس المتصلة بالقلب ، أو حور من النسوان أي : الملكوت المتصلة بهم المساوية في المرتبة على اختلاف التفسيرين.
[٣٥ ـ ٤٠] (إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً (٣٥) فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً (٣٦) عُرُباً أَتْراباً (٣٧) لِأَصْحابِ الْيَمِينِ (٣٨) ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ (٣٩))
(وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ (٤٠) إِنَّا أَنْشَأْناهُنَّ إِنْشاءً) عجيبا نورانيا مجردة عن المواد ، مطهرة عن أدناس الطبائع وألواث العناصر (فَجَعَلْناهُنَّ أَبْكاراً) أي : لم تتأثر بملامسة الأمور الطبيعية ومباشرة الطبيعيين الظاهرين من أهل العادة والمخالطين للمادة من النفوس (عُرُباً) متحببة إليهم محبوبة لصفائها وحسن جوهرها ودوام اتصالها بهم (أَتْراباً) لكونها في درجة واحدة متساوية المراتب أزلية الجواهر (ثُلَّةٌ مِنَ الْأَوَّلِينَ) لأن المحبوبين يدخلون على أصحاب اليمين جناتهم عند التداني والترقي في الدرجات وعند التدلي والرجوع إلى الصفات فيختلطون بهم وينخرطون في سلكهم (وَثُلَّةٌ مِنَ الْآخِرِينَ) لأن المحبين أكثرهم أصحاب اليمين واقفون مع الصفات دون محبة الذات وإن فسرنا الأولين والآخرين بأوائل الأمة المحمدية وأواخرها فظاهر لكثرة أصحاب اليمين في أواخرهم أيضا دون السابقين.
[٤١ ـ ٥٦] (وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ (٤١) فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ (٤٢) وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ (٤٣) لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ (٤٤) إِنَّهُمْ كانُوا قَبْلَ ذلِكَ مُتْرَفِينَ (٤٥) وَكانُوا يُصِرُّونَ عَلَى الْحِنْثِ الْعَظِيمِ (٤٦) وَكانُوا يَقُولُونَ أَإِذا مِتْنا وَكُنَّا تُراباً وَعِظاماً أَإِنَّا لَمَبْعُوثُونَ (٤٧) أَوَآباؤُنَا الْأَوَّلُونَ (٤٨) قُلْ إِنَّ الْأَوَّلِينَ وَالْآخِرِينَ (٤٩) لَمَجْمُوعُونَ إِلى مِيقاتِ يَوْمٍ مَعْلُومٍ (٥٠) ثُمَّ إِنَّكُمْ أَيُّهَا الضَّالُّونَ الْمُكَذِّبُونَ (٥١) لَآكِلُونَ مِنْ شَجَرٍ مِنْ زَقُّومٍ (٥٢) فَمالِؤُنَ مِنْهَا الْبُطُونَ (٥٣) فَشارِبُونَ عَلَيْهِ مِنَ الْحَمِيمِ (٥٤) فَشارِبُونَ شُرْبَ الْهِيمِ (٥٥) هذا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ (٥٦))
(وَأَصْحابُ الشِّمالِ ما أَصْحابُ الشِّمالِ) أي : هم الذين يتعجب من أحوالهم وصفاتهم في الشقاوة والنحوسة والهوان والخساسة (فِي سَمُومٍ) من الأهواء المردية والهيئات الفاسقة المؤذية (وَحَمِيمٍ) من العلوم الباطلة والعقائد الفاسدة (وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ) من هيئات النفوس المسودة بالصفات المظلمة والهيئات السود الردئية لأن اليحموم دخان أسود بهيم (لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) أي : ليس له صفتا الظل الذي يأوي إليه الناس من الروح ونفع من يأوي إليه بالراحة