البدن (وَتَسِيرُ الْجِبالُ) أي : تذهب العظام وترم وتصير هباء منبثا (فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) الذين احتجبوا بالدنيا عن الآخرة فكذبوا بالجزاء (الَّذِينَ) يخوضون في باطل الذات الحسيّة والاعتقادات الفاسدة والأقوال المزخرفة ويتعمقون في اللعب الذي هو الحياة الدنيا وزينتها السريعة الزوال.
[١٣ ـ ١٦] (يَوْمَ يُدَعُّونَ إِلى نارِ جَهَنَّمَ دَعًّا (١٣) هذِهِ النَّارُ الَّتِي كُنْتُمْ بِها تُكَذِّبُونَ (١٤) أَفَسِحْرٌ هذا أَمْ أَنْتُمْ لا تُبْصِرُونَ (١٥) اصْلَوْها فَاصْبِرُوا أَوْ لا تَصْبِرُوا سَواءٌ عَلَيْكُمْ إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٦))
(يَوْمَ يُدَعُّونَ) أي : يجرّون ويسحبون بالعنف (إِلى نارِ) الحرمان والآلام في قعر بئر الطبيعة الفاسقة المنحوسة في سلاسل التعلقات وأغلال الهيئات الجرمانية.
[١٧ ـ ١٨] (إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَعِيمٍ (١٧) فاكِهِينَ بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ الْجَحِيمِ (١٨))
(إِنَّ الْمُتَّقِينَ) الذين اتّقوا الرذائل وصفات النفوس (فِي جَنَّاتٍ) من جنات الصفات ولذّة وذوق وتنعم فيها (فاكِهِينَ) متلذذين (بِما آتاهُمْ رَبُّهُمْ) من أنوار التجليات ومعارف الوجدانيات والكشفيات (وَوَقاهُمْ رَبُّهُمْ عَذابَ) جحيم الطبيعيات والاحتجاب بالبهيميات والسبعيات من الهيئات.
[١٩] (كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئاً بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ (١٩))
(كُلُوا) من أرزاق الحكم والعلوم الحقيقية التي هي قوت القلوب (وَاشْرَبُوا) من مياه العلوم النافعة وخمور العشق والمحبة أكلا هنيئا وشربا (هَنِيئاً) سائغا غير ذي غصّة (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) بسبب أعمالكم في الزهد والعبادة والمجاهدة والرياضة.
[٢٠ ـ ٢٣] (مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ مَصْفُوفَةٍ وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ (٢٠) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَاتَّبَعَتْهُمْ ذُرِّيَّتُهُمْ بِإِيمانٍ أَلْحَقْنا بِهِمْ ذُرِّيَّتَهُمْ وَما أَلَتْناهُمْ مِنْ عَمَلِهِمْ مِنْ شَيْءٍ كُلُّ امْرِئٍ بِما كَسَبَ رَهِينٌ (٢١) وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ وَلَحْمٍ مِمَّا يَشْتَهُونَ (٢٢) يَتَنازَعُونَ فِيها كَأْساً لا لَغْوٌ فِيها وَلا تَأْثِيمٌ (٢٣))
(مُتَّكِئِينَ عَلى سُرُرٍ) أي : مراتب ومقامات (مَصْفُوفَةٍ) مترتبة كالتسليم والتوكل والرضا أو متقابلة تتساوى في مقاماتهم كقوله : (إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلِينَ) (١).
(وَزَوَّجْناهُمْ بِحُورٍ عِينٍ) أي : قرناهم بما في درجاتهم من الصور المقدسة والجواهر المجردة من الروحانيات التي لا حسن وراء حسنها (وَأَمْدَدْناهُمْ بِفاكِهَةٍ) من الواردات اللذيذة
__________________
(١) سورة الحجر ، الآية : ٤٧.