سورة حم السجدة
(بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ)
[١ ـ ٥] (حم (١) تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٢) كِتابٌ فُصِّلَتْ آياتُهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (٣) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (٤) وَقالُوا قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنا وَبَيْنِكَ حِجابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنا عامِلُونَ (٥) حم) ظهور الحق بالصورة المحمدية (تَنْزِيلٌ مِنَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ* كِتابٌ) الكل الجامع لجميع الحقائق من الذات الأحدية الموصوفة بالرحمة الرحمانية العامّة للكل ، بإفاضة الوجود والكمال عليه ، والرحيمية الخاصة بالأولياء المحمديين ، المستعدّين لقبول الكمال الخاص العرفاني ، والتوحيد الذاتيّ. وهو كتاب العقل الفرقاني الذي (فُصِّلَتْ آياتُهُ) بالتنزيل بعد ما أجملت قبل في عين الجمع حال كونه (قُرْآناً) أي : فصّلت بحسب ظهور الصفات وحدوث الاستعدادات في حال كونه جامعا للكل (عَرَبِيًّا) لوجود نشأته في العرب (لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) حقائق آياته لقرب استعداداتهم منه وصفاء فطرهم (بَشِيراً) للقابلين المستعدّين للكمال ، المستبصرين بنوره باللقاء (نَذِيراً) للمحجوبين بظلمات نفوسهم من العقاب (فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ) لاحتجابهم بالأغيار وبقائهم في ظلمات الاستتار (فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ) كلام الحق لوقر سمع القلب كما قالوا : (قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونا إِلَيْهِ وَفِي آذانِنا وَقْرٌ) لأنّ غشاوات الطبيعة وحجب صفات النفوس أعمت أبصار قلوبهم وأصمّت آذانها وجعلتها في أغطية وأكنّة وحجبت بينهم وبينه.
[٦] (قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ (٦))
(قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) أي : إني من جنسكم وأناسبكم في البشرية والمماثلة النوعية ، لتوجهه للإنس والخلطة ، وأباينكم بالوحي المنبه على التوحيد المبين لطريق السلوك ، فاتصلوا بي بالمناسبة النوعية ومجانسة البشرية لتهتدوا بنور التوحيد والوحي المفيد لبيان الدين ، وتسلكوا سبيل الحق الذي عرّفنيه بقوله : (أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ) لا شريك له في الوجود (فَاسْتَقِيمُوا) بالثبات على الإيمان والسكينة والإيقان في التوجه (إِلَيْهِ) من غير انحراف إلى الباطل والطرق المتفرّقة ولا زيغ بالالتفات إلى الغير والميل إلى النفس (وَاسْتَغْفِرُوهُ) بالتنصل