الحقيقي. وعن ابن مسعود أن النبي صلىاللهعليهوسلم قال لأصحابه ذات يوم : «أيعجز أحدكم أن يتخذ عند كل صباح ومساء اللهمّ فاطر السموات والأرض ، عالم الغيب والشهادة ، أني أعهد إليك أني أشهد أن لا إله إلا أنت ، وحدك لا شريك لك ، وأنّ محمدا عبدك ورسولك ، وأنك إن تكلني إلى نفسي تقرّبني من الشرّ وتباعدني من الخير ، وإني لا أثق إلا برحمتك ، فاجعل لي عهد تؤتنيه يوم القيامة ، إنك لا تخلف الميعاد».
[٩٣] (إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً (٩٣))
(إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمنِ عَبْداً) لكونهم في حيز الإمكان ومكمن العدم لا وجود لهم ولا كمال إلا به ، أفاض باسم الرحمن وجوداتهم وكمالاتهم ، فهم أنفسهم ليسوا شيئا ، فلو لم يعبدوه حق عبادته باستعدادات أعيانهم في العدم لما وجدوا ، ولو لم يعبدوه بعد الوجود بالقيام بحقوق نعمه التي أنعمها عليهم لما كملوا ، فهم مربوبون ، مجبورون وفي طيّ قهره وملكته مقهورون.
[٩٤] (لَقَدْ أَحْصاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا (٩٤))
(لَقَدْ أَحْصاهُمْ) في الأزل بإفادة أعيانهم واستعداداتهم الأزلية من فيضه الأقدس وتعيينها بعلمه (وَعَدَّهُمْ عَدًّا) فما هيأتهم وحقائقهم إنما هي صور معلومات ظهرت في العدم بمحض عالميته وبرزت إلى الوجود بفيض رحمانيته ، فكيف تماثله وتناسبه.
[٩٥] (وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ فَرْداً (٩٥))
(وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيامَةِ) الصغرى منفردا مجردا عن الأسباب والأعوان كما كان في النشأة الأولى ويوم القيامة الوسطى (فَرْداً) من العلائق البدنية مجردا عن الصفات النفسانية والقوى الطبيعية. وأما في القيامة الكبرى فكل من عليها فان ، ويبقى وجه ربّك ذو الجلال والإكرام.
[٩٦ ـ ٩٨] (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا (٩٦) فَإِنَّما يَسَّرْناهُ بِلِسانِكَ لِتُبَشِّرَ بِهِ الْمُتَّقِينَ وَتُنْذِرَ بِهِ قَوْماً لُدًّا (٩٧) وَكَمْ أَهْلَكْنا قَبْلَهُمْ مِنْ قَرْنٍ هَلْ تُحِسُّ مِنْهُمْ مِنْ أَحَدٍ أَوْ تَسْمَعُ لَهُمْ رِكْزاً (٩٨))
(إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا) الإيمان الحقيقي العلمي أو العيني (وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ) من الأعمال المزكية المصفية المعدّة لقبول تجليات الصفات بالتجرد عن ملابس صفاتهم (سَيَجْعَلُ لَهُمُ الرَّحْمنُ وُدًّا) كماقال : لا يزال العبد يتقرّب إليّ بالنوافل حتى أحبه ، فإذا أحببته كنت سمعه الذي يسمع به ، وبصره الذي يبصر به ، ويده التي يبطش بها». وفي الحقيقة هذا الودّ أثر