وبضم الآيات القرآنية المذكورة إلى بعضها ، يتضح بأنّ القرآن الكريم قد وضع برنامجاً دقيقاً واسعاً لتبيان علم الله وإحاطته اللامحدودة بجميع الامور بذكر أدلة دقيقة ضمن عبارات مختلفة ، وجعلها أساساً لتربية الإنسان في جميع الاحوال!
* * *
توضيحات
١ ـ تأثير علم الله في بُعدي العرفان والتربية
إنّ الأهميّة الخاصة التي أولاها القرآن الكريم لهذه المسألة تنبع أولاً من الدور المهم لمسألة علم الله في بحث معرفة الله ، حيث تقرب الإنسان إلى ربّه وتعرفه به ، وتجعله يراه في كل مكان ، وأنّ معرفة الله بدون معرفة جوانب علمه تعتبر ناقصة وضعيفة جدّاً.
ومن حيث إنّ لجميع المعارف انعكاساً على أعمالنا وتصرّفاتنا الفردية والاجتماعية ، وكون هذه المسألة تنبع من العلاقة الوثيقة بين (الأيديولوجية) و (النظرة العالمية) فإنّ لإدراك علم الله اللامحدود آثاراً تربوية وهي كالتالي :
فمن جهة نجد أنّ الاعتقاد بوجود رقيب عليم عظيم له تأثير في ترغيب وردع الإنسان في انجاز أعماله ، فعندما يقول سبحانه : (وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ اقْرَبُ الَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ) وقوله : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَعْلَمُ مَاتُكِنُّ صُدُورُهُمْ وَمَا يُعْلِنُونَ) وقوله : (وَمَا يَعْزُبُ عَن رَّبِّكَ مِن مِّثْقَالِ ذَرَّةٍ فِى الْأَرْضِ وَلَا فِى السَّماءِ وَلَا أَصْغَرَ مِن ذلِكَ وَلَا أَكْبَرَ ...) وقوله : (وَعِندَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ ... وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِى ظُلَمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِى كِتَابٍ مُّبِينٍ) ، أو قوله سبحانه : (وَكَفَى بِرَبِّكَ بِذُنُوبِ عِبَادِهِ خَبِيراً بَصِيراً). (الإسراء / ١٧)
فإنّه تحذير شديد لجميع بني البشر وإشعار بالخوف والرجاء في كل مايصدر منهم من عمل.
ومن جهة آخرى فإنّ الاعتقاد بأنّ الناظر والرقيب علينا هو ولي نعمتنا ، كأنّه يقول لنا :