الحب والبغض ، الفرح والحزن ، الخوف والهلع ، الهدوء وراحة البال ، الجهر والأسرار ، سوف تكون له آثار مادية على القلب أولاً ، ويكون لهذه الآثار ردود فعل من بينها زيادة أو قلّة ضربان القلب ، هدوء القلب أو اضطرابه واختلال في ضغط الدم ، كل ذلك استجابة للحالة الروحية التي يتعرض لها الإنسان.
وبغير ذلك فمن البديهي أنّه لا القلب مركز الاحساسات الروحية ولا الصدر ، ولا حتّى الدماغ ، وجميع هذه الامور ترتبط بروح الإنسان التي ما وراء هذه الأعضاء ولهذا فقد قيل : إنّ القلب قد يأتي بمعنى العقل أحياناً (١).
* * *
يعلم السر والجهر :
الآية الثالثة ـ علاوة على ما ورد في الآيات السابقة ـ تتعرض إلى مسألة علم الله بأعمال الإنسان بشكل خاص ، حيث قالت : (وَهُوَ اللهُ فِى السَّمواتِ وَفِى الأَرضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَا تَكْسِبُونَ).
وقد أوضح القسم الأول من الآية حضور الله في كل نقطة من عالم الوجود ، أمّا القسم الثاني فقد ذكر علمه سبحانه ، والقسم الثالث إحاطته جلّ وعلا بأعمال الناس وهي بصورة عامّة انذار لجميع الناس (٢).
ومن البديهي أنّ المقصود من حضوره ـ جلّ وعلا ـ في السموات والأرض لا يُراد منه الحضور المكاني ، لأنّه ليس جسماً ليحل بمكان ، فحضوره بمعنى الإحاطة الوجودية ، فهو سبحانه قد أحاط بكُلّ شيء علماً ، وكل شيء حاضر عنده.
وأمّا معنى قوله تعالى «ويعلم ما تكسبون»؟ فقد قال بعض المفسرين : بأنّه دليل على
__________________
(١) لزيادة التوضيح راجع التفسير الأمثل ، ذيل الآية ٧ من سورة البقرة.
(٢) تفسير المنار ، والمراغي ، في ذيل الآية مورد البحث.