١ ـ علم الله المطلق
تمهيد :
إنّ من أهم صفات الله سبحانه وتعالى بعد التوحيد تتمثل في علمه اللامحدود وإحاطته بكافة أسرار عالم الوجود المترامي الأطراف ، وذاته المقدّسة ، فلا تخفى عليه خافية ولا شاردة ولا واردة ولا ذرة في هذا العالم الواسع.
لقد أحاط علمه ـ جلّ وعلا ـ بكل قطرة غيثٍ تنزل من السماء ، وبكل زهرة تتفتح في أغصان الأشجار ، وبكل حبّة في ظلمات الأرض ، وبكل موجود وكائن حي يسبح في أعماق البحار العميقة المظلمة ، وبكل شهاب يضيء وينطفي في هذه السماء الواسعة ، وبكل موجٍ يرتفع ويهدر على سطح المحيطات ، وبكل نطفةٍ تنعقد في ظلمات الرحم ، وبالتالي بكل فكرةٍ تخطر على بال أحد.
وعلمه بالأزل والأبدِ واحد ، وإحاطته العلمية بملايين مليارات السنوات الماضية والمستقبلية كإحاطته بالحاضر ، وبحضوره في كل مكانٍ وزمان فلم يبق للبعيد والقريب والماضي والحاضر والمستقبل معنىً ، فجميعها متساوية لديه جلّ شأنه.
هذه هي الحقيقة التي تُنتقى من مجموع الآيات القرآنية ، والتفكرّ بها له أثر كبير في عقائدنا وأعمالنا. وبعد هذه الإشارة نعود إلى القرآن الكريم لنتأمل خاشعين في الآيات القرآنية التالية :
١ ـ (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ). (البقرة / ٢٣١)
٢ ـ (قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِى صُدُورِكُمْ أَو تُبدُوهُ يَعْلَمْهُ اللهُ وَيَعْلَمُ مَا فِى السَّماواتِ وَمَا فِى الأَرضِ). (آل عمران / ٢٩)
٣ ـ (وَهُوَ اللهُ فِى السَّماواتِ وَفِى الأَرضِ يَعْلَمُ سِرَّكُمْ وَجَهْرَكُمْ وَيَعْلَمُ مَاتَكْسِبُونَ). (الانعام / ٣)