وهذا بحد ذاته أفضل دليلٍ على حكمته سبحانه.
وبتعبير آخر : فكما أنّ برهان النظم يثبت وجود الله سبحانه وتعالى ، فهو يثبت علمه وحكمته أيضاً.
والجدير بالذكر أنّ روايات كثيرة ، ومن جملتها رواية «توحيد المفضل» المعروفة ، تحتوي على إشارات قيِّمة كثيرة حول حكمة الله تعالى في خلق الإنسان ، والحيوان ، والطيور ، والأسماك ، والسماء ، والشمس والقمر والنجوم ، والماء والنار ، والمعادن ، والنباتات ، والأشجار ، وغيرها ، وقد وضَّحت بأجمعها ما قلناه.
* * *
٢ ـ الآثار التربويّة لمعرفة حكمة الله تعالى
غالباً مايُنظر إلى صفات الله تعالى من بعد «معرفة الله» ، وهذا صحيح في محله طبعاً ، لكن القرآن الكريم استعمل هنا نقطة ظريفة اخرى وهي استعانته بهذه الصفات لتربية الإنسان في الغالب ، والتي تجلت نماذج منها في الآيات التي ذكرناها ، لذا يجب أن نعمل بهذا الكتاب الإلهي ، ونتخذ من معرفة صفات الله تعالى أساساً لتهذيب نفوسنا وتكامل عقولنا.
إنّ للإيمان بحكمة الله تعالى انعكاسات وآثار تربوية في نفس الإنسان ، وهذه الآثار هي كالتالي :
أ) الإيمان بحكمته تعالى يمكنه أن يترك آثاراً بليغة في التطورات العلمية للإنسان ومعرفته بأسرار عالم الوجود ، ويزيد في سرعة العلم البشري بالسير إلى الأمام قُدُماً.
لأننا عندما نعلم أن صانع هذا البناء البديع العظيم معمار ماهر ، وأودع كل موضع منه أسرار الحكمة ، فإننا سوف لا ننظر إلى موجودات وحوادث هذا العالم بنظرة عادية ، بل سوف نتعمق في كل ظاهرة كموضوع مهم ، بحيث نتوصل إلى اكتشاف قانون الجاذبية العام المهم جداً ، وقوانين مهمّة اخرى بمجرّد سقوط تفاحة من شجرة ما.