وقد فسّر بعض المفسّرين (الشّر) هنا بمعنى : الشياطين أو جهنّم ، أو أنواع الحيوانات المؤذية ، أو الناس والشياطين الأشرار ، وأنواع الأمراض والآلام والمتاعب والقحط والبلايا.
ولكن كما ذكرنا فإنّ الآية ذات مفهوم عام ، ونحن نعلم بأنّ أي واحدة من هذه الأمور ليست شرّاً مطلقاً أو شراً غالباً ، كما شرحنا ذلك في البحوث السابقة ، ولكن يُمكن أن تصير سبباً للشّر ، فيعوذ الإنسان بالله من شرّها.
ومن هنا يتضح جواب السؤال الثاني أيضاً وهو أنّ جميع ما خلق الباري سبحانه خيراً ، «إما مطلقاً أو غالباً» ، وما نُسميه نحن بالشّر إما هو ذو صبغة عدميّة لا يسعه مفهوم الخلق ، وإمّا ذو صبغة نسبيةّ أو من الأمور الوجوديّة التي تُسبب العدم ، كالسموم القاتلة التي لها استعمالات طبيّة كثيرة أيضاً في نفس الوقت.
وبهذا تتضح جميع التعابير القرآنية في الخير والشّر ، ويتضح ردّ الإشكالات الاخرى المختلفة المطروحة في هذا المجال ، ومن جملتها الإشكالات التي نقلها الفخر الرازي عن بعض الملحدين والماديين وتركها دون جواب.
٥ ـ الخير والشّر في الروايات الإسلاميّة
وردت هاتان الكلمتان في الروايات الإسلامية الواردة عن الرسول صلىاللهعليهوآله ، والأئمّة المعصومين عليهالسلام ، بشكل واسع وفي صَيغٍ مُختلفة.
ما يتناسب مع موضوع بحثنا أولاً هو تصريح الكثير من الروايات بكون الخير والشر مخلوقين إلهيّين ، من جملتها :
ورد عن الإمام الباقر ، عليهالسلام : «إنّ الله يقول أنا الله لا إله إلّاأنا ، خالق الخير والشّر ، وهما خلقان من خلقي ...» (١).
وقد ورد نفس هذا المعنى في حديث آخر عن الإمام الصادق عليهالسلام ، حيث قال : «إنّي أنا
__________________
(١) بحارالانوار ، ج ٥ ، ص ١٦٠ ، ح ٢٠.