الرئيسي الأبهر) أكثر تناسباً مع مفهوم الآية ، لأنّه أراد أن يبيّن قرب الله الشديد من الإنسان ، وهذا المعنى أقرب خصوصاً مع ملاحظة وجود وريدين في الرقبة.
والتعبير بكلمة «حبل» يُشير أيضاً إلى أنّ المقصود ليس جميع أوردة البدن ، بل الرئيسة منها ، وكما عبر البعض حيث قالوا : بأنّ المقصود هو الأوردة التي لها منزلة الأنهار لا الجداول.
وعلى أيّة حال فهذه الكلمة مشتقة من كلمة (ورود) أي بمعنى الوصول إلى الماء ـ التي لها تناسب واضح مع أوردة الدم.
ومن هنا يعبر عن الأزهار بالورد ، أي الثمرة الاولى التي ترد من الشجرة (١).
«توسوس» : من الوسوسة والوسواس ، وهو بمعنى الصوت الهادىء الخارج من آلات الطرب ، والنداء والصوت الخفي ، والخواطر القلبية ، والتصورات الفكرية الخاطفة ، والأفكار غير المرغوبة (٢).
وعلى أيِّ حال ، فعندما يحيط الله تعالى بالخواطر الفكرية الخاطفة ، فإنّه لا يبقى مجالٌ للشك والترديد بأنّه سبحانه يحيط علماً بسائر أعمالنا وأفعالنا واعتقاداتنا. وتعبيره : ونحن أقرب إليه من حبل الوريد ، إضافة إلى كونه تحذيرا ، فهو ينزل علينا نوعا من السكينة الباعثة للأمل ، ونور هذا الأمل هو الذي ملأ جميع أجزاء وجودنا.
أليس عجيباً أن يبتعد الإنسان من محبوبه بعد أن يعلم بأنّه أقرب إليه من نفسه؟ من الذي يقاسمنا ألم هذه المصيبة عندما يكون المحبوب قريباً من الإنسان ولكن الإنسان يحترق بنار الهجران؟
نحن أقرب قال من حبل الوريد |
|
أنت قد هاجرت عنه وتوغلّت بعيد |
أيّها المالي قوساً من نبال |
|
قَربُ الصيد وترمي للجبال!! |
__________________
(١) مفردات الراغب ؛ ومقاييس اللغة ؛ ولسان العرب ؛ وتفسير الميزان ؛ والفخر الرازي ؛ والقرطبي ؛ وفي ظلال القرآن وغيرها من التفاسير.
(٢) «وسواس» اسم مصدري ، و «الوسواس» بكسر الواو ذو معنى مصدري ، وقد تأتي الكلمة (اسم فاعل) أي الشيطان ، (لسان العرب).