مكان معين يحدّه ، وأن وجوده فوق الزمان والمكان ، ولكون جميع الموجودات تستمد وجودها من وجوده ، ولا تستغني عنه أبداً ، فإنّه تعالى يُحيط بجميع موجودات العالَم إحاطة وجوديّة ، هي عين إحاطته الربوبية والقيّوميّة. (فتأمل جيداً).
توضيحات
١ ـ الله عزوجل فوق المكان والزمان
للفلاسفة بحوث عديدة حول حقيقة (المكان) و (الزمان) ، وبالرغم من أنّ هذا الموضوع من المواضيع التي تلازمنا دائماً إلّاأنّ معرفة حقيقتهما لا تزال من المشكلات حتى بالنسبة للفلاسفة! وهذه من العجائب.
فقد اعتقد جماعة بأنّ المكان ـ والذي يعطي معنى الفضاء ، أو هو بُعد خاص تسبح فيه الأجسام ، ـ موجود مخلوق قبل الجسم ، وكُلّ جسم بحاجة إليه.
وقال آخرون : إنّ الفضاء الخالي من كُلّ شيء ليس إلّاوهمٌ وخيالٌ ، وبالأساس ، فإنّ عدم وجود الجسم يعني عدم وجود المكان ، وبتعبيرٍ آخر : المكان يوجد بعد الجسم لا قبله ، ويُنتزَع من مقايسة جسمَين مع بعضهما ، وكيفية استقرارهما ، وليس من المناسب هنا انتقاد هاتين النظريتين الفلسفيتين وتحليلهما ، بل يجب القول : إنّ المكان بأي واحدٍ من هَذين المفهومين ، محال بالنسبة إلى الله عزوجل.
لأنّه لايمكن أن يكون هناك موجود قبل الله ، وفق التفسير الأول ، القائل : إنّ (المكان موجود يسبق وجود الجسم) ، وإذا قطعنا بأنّ الاجسام تحتاج إلى مكان ، فهل يُمكن أن يحتاج واجب الوجود الغني عن الوجود إلى شيءٍ آخر؟
وعليه يتضح استحالة تحقق مفهوم المكان طبق التفسير الأول بخصوص الباري الغني عن كلّ شيء والمنشىء لجميع الوجودات ، وأمّا وفق التفسير الثاني فهو يستلزم وجود النظير الكفؤ لله تعالى ليُقاس به ، ويُنتزع المكان من قياس هذين الإثنين مع بعضهما ، في حين أننا عرفنا في مباحث التوحيد أنّه تعالى ليس له كفؤ ابداً.