٥ ـ الإبتلاء عن طريق المشاكل
نحن نعلم تفاوت الابتلاء الإلهي عن الإبتلاء البشري بصورة تامّة ، فالناس يمتحنون شخصاً أو شيئاً لتتوضّح لهم بعض المجهولات ، وتتبيَّنَ قيمة وقابلية واستعداد ذلك الشخص أو ذلك الشيء خلال الإمتحان.
لكن الله لا يخفى عليه شيءٌ في جميع عالم الوجود ، في الأرض والسماء وما وراء السموات ، وفي داخل وخارج الأشياء لكي يعرفه عن طريق الإمتحان.
إذن لِمَ وكيف يمتحن!؟
إنّ للإبتلاء الإلهي صيغة تربويّة ، إنّ الذهب عندما يلقى في النار فمن أجل تهذيبه وتنقيته من الشوائب أو عندما يُدرّبُ الجنود بالأعمال الشاقّة على تمرين المقاومة والإستقامة فمن أجل رفع مستوى لياقتهم البدنية ، فالابتلاء الإلهي مثلهُ مثلُ هذه الحالات بالضبط. فهي تزيد من تحمُّل ومعرفة ونقاء البشر ، وبكلمة واحدة ، إنّ الإبتلاء وسيلة لتكامُل وتربية روح الإنسان وجسمه.
لذا فلا عجب من كون قسم من مصائب ومشاكل الحياة في هذا الصدد من الامتحان والاختبار ، (نكرر بأنّ قسماً من المصائب داخلة في هذا النوع وليس جميعها).
لا يوجد شَعْب في العالَم تمكّن من التقدُّم والرقي في الميادين الصناعية والعسكرية والعلميّة دون أن يتعّرض لضغوط معيّنة ، وكما قال الفيلسوف والمفسّر التاريخي المعروف (تو اين بي) :
الحضارات اللامعة التي ظهرت في العالم كان سبب ظهورها هو تعرّض شعبٍ لهجوم شديد من قبل عدّوٍ خارجي (فاستعمل ذلك الشعب جميع قدراته واستعداداته واستعان بمُدّخراته في مواجهة ذلك العدو).
فالقادة الذين يخوضون الحروب يمتازون بالعظمة والقوة والصبر ، والتجّار الذين يمرّون بأزمات اقتصادية شديدة يتعلمون تجارب قيّمة ، والسياسيّون الذين يجتازون أزمات مختلفة سيكونون أقوياء ومقتدرين.