ويقول في الآية الثالثة من البحث بصيغة استفهام توبيخي : (أَفَلا يَنْظُرونَ إلىَ الابِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ).
واللطيف أنّه تمت الإشارة بعد ذلك إلى عظمة خلق السماء ، ثم الجبال ومن بعدها الأرض ، فوضعُ الابلِ إلى جانب هذه الاشياء ، يُعتبرُ دليلاً على أهميّة خلق هذا الحيوان.
إنَّ التأمُلَ في أوضاع هذا الحيوان ، يدللُ على أنّه ذو مواصفاتٍ متباينة تجعلُهُ يختلف عن باقي الحيوانات الاخرى ، ويتضح جيداً من خلال الانتباه إلى هذه المواصفات لماذا استند القرآن الكريم إلى هذا الموضوع بشكلٍ خاص ومن جملتها :
١ ـ إنَّ مقاومة الجَمَلَ لا نظير لها ، لا سيما ازاء الجوع والعطش ، وشدة التحمُّل ، وقد يقاوم العطشَ وهو اصعبُ من الجوعِ لعشرةِ أيّام أو أكثر ولهذا يعتبرُ أفضل وسيلةٍ لقطع الصحراء القاحلةِ ، لذلك فقد اطلقوا عليه «سفينة الصحراء». لأنَه يتمكن من خزن الغذاء والماء لمدةٍ طويلةٍ في بطنهِ ويقتصدُ في استهلاكها أيضاً.
٢ ـ لا يتقيد بنوعٍ خاصٍ من الغذاء في طعامه ، وغالبا ما يتغذى على كل ما ينمو في الصحراء.
٣ ـ والأعجب من ذلك أنّه يواصلُ طريقه شاقاً العواصف الترابية المليئة برمال تعمي العيون وتصم الآذان ، وهو يستطيعُ سدَّ منخريه مؤقتاً ، ويحافظ على اذنيه من الغبار ، ولعينيه هدبان يُطبق أحدهما على الآخر في هذه الظروف ، وينظر من خلفهما ، وما قاله بعضهم بأنَّ الجمَلَ يسير مغمضَ العينين فانَّ هذا هو المقصود.
حتى ذكر بعض المفسِّرين إنَّه يُحسنُ تشخيص الطريق في الليالي المظلمة أيضاً!.
٤ ـ إنَّ الحيوانات تتباين فيما بينها ، فبعضها يستفادُ من لحمه ومنها مَا يفيد في الركوب ، وبعضُ يستفادُ من لبنه فقط ، وبعضها الآخر للحمل ، إلّاأنّ الجَمَلَ يجمعُ بين هذه الجوانب الأربعةِ جميعها ، فيستفاد منه للركوب ولحمل الأمتعة ومن لبنه وجلده ووبره.
٥ ـ ومن العجائب المتميزة لهذا الحيوان هي أنَّ الحملَ يوضَعُ على ظهرهِ أو يُركبُ أثناء بروكهِ ، وينهض وبحركةٍ واحدةٍ من مكانه ليقف على أرجلهِ ، بينما تنعدم هذه القدرة لدى باقي الحيوانات.