ويقول في مكانٍ
آخر : (وَاللَّيْلِ إِذَا
عَسْعَسَ* والصُّبْحِ إِذَا تَنَفَّسَ). (التكوير / ١٧)
ويضيف في مكان
آخر : (وَالضُحى وَاللّيْلِ
إِذَا سَجَى). (الضحى / ١ ـ ٢)
وأَيْمانٌ اخرى
من هذا القبيل حيث تحكي كلُّها عن الاهمية الفائقة التي يوليها القرآن الكريم
للَّيل والنّهار كي يتمعنَ الإنسان بهما ويرى آياتِ الله في كلَّ موقعٍ منهما ،
لأنَّ القَسَمَ دليلٌ على أهميّة وقيمة وحقيقة التأمل دائماً.
* * *
وفي الآية
الثانية عشرة والاخيرة نواجه تعبيراً جديداً في هذا المجال إذ يقول : (ذَلِكَ بِأَنَّ اللهَ يُولِجُ اللَّيْلَ
فِى النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِى اللَّيْلِ).
«يُوْلِجُ»
: من مادة «ايلاج» وتعني الادخال ، وبما أنّها جاءت بصيغة «الفعل المضارع»
وحيث اننا نعلمُ أنّ الفعل المضارع يفيد الاستمرار ، فقد تكون إشارة إلى طول وقصر
اللَّيل والنهار التدريجي والمنَّظم على مدى فصول السنة المختلفة حيث ينقصُ
احدهُما ويضاف إلى الآخر ، فهذا النظام التدريجي عاملٌ مؤثرٌ في نمو النباتات
وتكامل الكائنات الحيّة ، فلو حدثَ فجأةً سيختلُ توازنُ هذه الموجودات فيكون مضراً
، لهذا فقد جعلَهُ الباري تعالى أمراً تدريجياً.
ومن الممكن أن
تكون إشارة إلى مسألة شروق وغروب الشمس ، لأنَّ الشمس حينما تقتربُ من الشروق يشعُ
نورُها نحو الطرف الأعلى من الجو ، ويضيء الجو قليلاً ، وكلما ارتفعت الشمس من
وراء الافق يزداد هذا الضياء ، وعلى العكس أثناء الغروب ، فلا يحلُّ اللَّيلُ
دفعةً واحدةً ، بل تختفي أشعةُ الشمس رويداً رويداً في الطبقات السفلى من الجو ،
ويحلُّ الظلامُ محلَّها ، فهذا الانتقال التدريجي من النور إلى الظلام وبالعكس
يؤدّي إلى أنْ يتأقلمَ الإنسان معه من الناحية الجسمية والروحية ، ولو حلَّ
اللّيلُ أو الّنهار بشكلٍ مفاجيءٍ لتركَ آثاراً سيئةً.
والجدير بالذكر
أنّ ظاهرَ الآية هو أنّ دخولَ اللّيل في الّنهار والنهار في الليل يحدث في