قابلية التكلم وفهم اللغات بالأضافة إلى إدراك الحسن والقبح وقسم كبير ممّا يجب وما لا يجب ويحمل في نفسه بشكل فطري معرفة عالم الوجود بالإضافة إلى معرفة الله سبحانه وتعالى.
يقول أحد العلماء : حينما تحتضنُ الامهاتُ أطفالهنَّ لتهدئتهم فهنَّ يضعنهم على الجانب الايسر من الصدر بلا علمٍ منهنَّ بهذا الفعل ، حيثُ يضعْنَ أطفالهن بجوار قلوبهن ، فيهدأ الطفل بمجرد سماعه ضربات قلب الأُم لأنّه اعتاد على سماع هذا الصوت عندما كان جنينا في بطن أُمه وقلما توجد ام ملتفتة إلى هذه المسألة ، ولذا فانّها تؤدّي عملَها هذا في هذا المجال بالهام فطريٍّ محض.
٢ ـ إنَّ مسألةَ الهداية الفطرية والغريزية في عالم الحيوان أوسعُ بكثير عمّا هي عليه في الإنسان ، حيث يعرض علماء العصر نماذجَ مدهشةً منها ، فقد جاء في كتاب «البحر دار العجائب» تأليف «فرد ديناندلين» مايأتي :
«إنّ تصرفات بعض الأسماك تُعدّ من أسرار الطبيعة حيث يعجز كلُّ إنسانٍ عن بيان سببها ، فاسماك ال «قزل آلا» تترك مياه البحر لتعود إلى مياه الأنهار العذبة التي بدأت حياتها فيها ، وتسبح بجدٍ في الاتجاه المعاكس لتيار الماء ، وتقفز من فوق الصخور ، بل وتصعدأعلى الشلالات أيضاً ، وقد تملأ النهر لكثرتها أحياناً ، وعندما تصل هذه الأسماك إلى المكان الذي تبحثُ عنه تضع بيوضها ثم تموت!
فكيف تهتدي هذه الأسماك إلى الأنهار المناسبة ياترى؟ أنّها أكثرُ إثارة للعجب من اختراع المذياع والتلفاز ، لأنّها لا تمتلك خارطةً ، كما أنّ قابليتها على الرؤية تحت الماء ضعيفة ، وليس هناك من يُدِّلُّها على الطريق (١).
٣ ـ وجاء في نفس ذلك الكتاب : «إنَّ تصرفَ «الجريّ» أكثرُ عَجَباً من هذا ، فحينما يبلغ سمك الجريّ «الانجليزي» ثماني سنوات يهجُر الحوض أو النهر الذي يعيش فيه ويزحف ليلاً كالافعى على الاعشاب الرطبة حتى يصل إلى شاطىء البحر ، ثم يطوي المحيط
__________________
(١) البحر دار العجائب ، ص ١١٦.