على انه الواقع يضاد مفاده مع الواقع لأن الواقع يكون في ظرفه هو الإلزام ولا يمكن ان يقال لا وجوب ولا حرمة بمقتضى الأصل لأنه إذا لم يكن في الواقع وجوب ولا حرمة ولو بناء لم يكن إلزام أيضا في الواقع فمن هذه الجهة يفارق مع البراءة.
أقول في هذا الكلام الصادر عن شيخنا النائيني قده أيضا نظر كما في السابق اما أولا فلما مر من ان الفرق بين أصالة الإباحة وأصالة البراءة بالقول بمضادة الأولى مع العلم الإجمالي في البين دون الثانية غير وجيه لانحفاظ رتبة الظاهر والواقع فان أصالة الإباحة في الظاهر تكون مثل أصالة البراءة في عدم المنافاة مع الواقع.
وثانيا ان العقاب المحتمل الّذي يكون من جعله البراءة العقلية جارية بالنسبة إليه يكون في المقام متصورا لأن التكليف لا مانع من جعله (١) ذاتا فانه فرق بين التكليف المحال والتكليف بالمحال والمقام من قبيل الثاني لأن الإشكال يكون من ناحية الامتثال لا من ناحية الجعل.
وثالثا لا فرق كما مرّ بين الاستصحاب وأصالة البراءة في الجريان لأن الاستصحاب أيضا يكون البناء على ان المشكوك كالواقع لا انه الواقع والمضادة تكون بين نفى الواقع والواقع لا بين نفى ما فرض انه الواقع والواقع.
ورابعا ان الأصل في أطراف العلم الإجمالي على حسب بعض المسالك جار فانه على فرض كون العلم الإجمالي مقتضيا يجري الأصل في أطرافه.
ثم لا يخفى ان الإشكال المشترك بين جميع الأصول هو لغوية جعله كما في البراءة الشرعية والاستصحاب وأصالة الإباحة وكل ما ذكرناه من الإيراد يكون بالنسبة إلى الإشكال الّذي يكون في خصوص كل أصل فلا تغفل.
__________________
(١) أقول الّذي نتصوره هنا هو ان للشارع أن يجعل حكما تعيينيا في دوران الأمر بين المحذورين كما جعل التخيير في تعارض الروايتين وحيث أمكن جعل التعيين يكون الأمن من العقاب من ناحية هذا النحو من التكليف بقبح العقاب بلا بيان عقلا ورفع ما لا يعلمون شرعا.