فصل في التنبيه على أمور مهمة في أصالة البراءة
التنبيه الأول انه بعد تمام الكلام عن جريان البراءة في الشبهات التكليفية التحريمية والقول بالإباحة عقلا ونقلا يجب أن لا يكون في مورد جريان البراءة أصل موضوعي مخالف لمفاد الأصل أو حاكم كذلك فانه لا يخفى عليكم أن ما في كلام الشيخ الأنصاري قده وغير انه يشترط أن لا يكون أصل موضوعي يكون بيانا لصغرى من كبرى الحاكم فانه كما يمنع جريان الأصل الموضوعي عن جريان البراءة كذلك يمنع الحاكم عن جريانه.
ولا فرق بين أن يكون الحاكم هو الأصل في الموضوع أو الأصل في الحكم فالأصل الموضوعي يكون مثاله الحيوان الّذي لا نعلم انه قابل للتذكية أولا فان الشك في الحلية ناش عن الشك في القابلية فلو جرى أصالة عدم التذكية لا تصل النوبة إلى أصالة الحل لأن مقتضى جريانها حرمته وكذلك إذا كانت الشبهة في الحرمة من باب الشبهة الموضوعية كاللحم المطروح في البرّ فانه إذا شك في اجتماع الشرائط للذبح مثل الإسلام في الذابح واستقبال القبلة في المذبوح يجري أصالة عدم حصول التذكية بشروطها ويحكم بالحرمة ولا تجري أصالة الحل فجريان الأصل في الموضوع منع عن جريان الأصل في الحكم وهكذا لو كان الشك في الحكم ناشئا عن الشك في حكم آخر.
مثلا إذا كان حكم شيء قبل ذلك الحرمة والآن لا نعلم انها انقلبت إلى الحلية أم لا من باب احتمال النسخ فأصالة عدم نسخ الحكم حاكم على أصالة البراءة فلا تجري بل يحكم بالحرمة.
وهكذا لو كان الحاكم مثل الأمارة فان وجودها يمنع عن جريان الأصل أيضا فان السوق للمسلمين وأياديهم أمارة حلية اللحم وذكاته ومعه لا مجال لجريان أصالة عدم التذكية أيضا فهذا الحاكم مقدم على ذاك الحاكم الّذي لولاه كان حاكما فان أصالة عدم التذكية حاكمة على أصالة البراءة في صورة عدم محكوميتها بالأمارة ولو كانت موافقة فلو دلّ الدليل على أن كل حيوان لا يقبل التذكية إلّا ما خرج