فيما اشترطه الفاضل التوني لجريان البراءة
ثم انه ذكر الفاضل التوني قده للبراءة شرطين آخرين : أحدهما ان لا يكون موجبا لثبوت حكم شرعي من جهة أخرى وثانيهما ان لا يكون موجبا للضرر على الغير وقد أشكل عليه بأن هذين لا يكونان شرطا للبراءة.
اما الأول فلان الأصل المثبت أعم من أن يكون البراءة أو الاستصحاب الّذي يكون من الأصول المحرزة لا يجري للإشكال العام بأن الأصل المثبت لا يجري في جميع المقامات لأن التعبد لا يمكن أن يكون مثبتا للواقع.
واما الثاني فلان قاعدة لا ضرر ولا حرج وكل دليل اجتهادي يكون واردا على الأصل ولا موقع لجريانه في مقام الدليل الاجتهادي كما هو واضح.
وفيه انه يمكن إصلاح كلام هذا الفاضل وكشف مراده بوجه يليق بشأنه.
فنقول ان الحكم اما ان يكون مترتبا على الواقع أو على ما ثبت ولو بالأصل فان الأحكام المترتبة على الواقع لا يترتب على ما ثبت بالأصل إذا لم يكن محرزا مثل البراءة واما ما كان مترتبا على ما ثبت ولو بالأصل فلا شبهة في كون الأصل مثبتا له.
فمن نذر مثلا بأنه إذا لم يكن عليه دين ولو بواسطة جريان البراءة عنه يتصدق بدرهم مثلا فانه لا شبهة في جريان الأصل لهذا الأثر ويكون إثبات وجوب الوفاء بالنذر بواسطة جريان أصالة البراءة عن الدين.
واما إذا لم يكن كذلك بل كان النذر متوجها إلى انه إذا لم يكن عليه دين واقعا يتصدق بدرهم فانه لا تجري البراءة لأنها أصل لا يثبت الواقع ولا يكون كاشفا عنه.
واما إذا كان الأصل محرزا للواقع مثل الاستصحاب فيكون الأثر مترتبا عليه ظاهرا فانه إذا كان لسان الدليل ان من كان عليه الدين واقعا لم يكن الحج واجبا عليه لعدم الاستطاعة ولو لم يكن عليه الدين يكون الحج واجبا للاستطاعة يمكن أن يستصحب عدم الدين فيحج وفي هذه الصورة لا تجري البراءة لأنها لا تكون كاشفة