معا هو المطلوب وعدم عقابهما كان باطلا بالذات لأنه يلزم منه عدم العقاب على المعاصي وعقاب المتجري دون العاصي أيضا باطل وعقاب العاصي دون المتجري يكون خلاف ما حكم به العقل فلا فرق بينهما لأن من صادف قطعه الواقع يكون هو العاصي ومن لم يصادف يكون هو المتجري والمصادفة وعدمها لا تكون بأيديهما وما يكون خارجا عن الاختيار كيف يكون سببا للعقاب وعدمه.
فأجاب (قده) عنه بأنه نختار عقاب العاصي دون المتجري من الاحتمالات الأربعة وما قلت من مصادفة الواقع وعدمه لا وجه له بل منشأ العقاب في العاصي يكون هو التفاته بالعنوان وعدم عقاب المتجري يكون لأجل عدم التفاته إلى عنوان التجري فحيث لا يكون بالاختيار لا يعاقب عليه هذا كلامه رفع مقامه.
وفيه انه ما قال من سوء السريرة فقط من الدليل العقلي لا وجه له فان المتجري لا يعاقب بسوء السريرة فقط بل لأنه جزم وعزم وأظهر العمل على وفقه ولعل مراده قده ان القبح العقلي المستتبع لحكم شرعي لا يكون في البين وهو موافق لما قلناه ولكن عبارته مشوشة وظاهرة بأنه يكون سوء السريرة فقط ولا قبح فيه هذا ما في جوابه عن الاستدلال العقلي.
واما جوابه (قده) عن البرهان الفني فلا يكون تاما وان كان البرهان غير صحيح لأنه أجاب من جهة الاختيار في العاصي وعدمه في المتجري ولقد أجبنا عن ذلك بأن الفعل الصادر عن المتجري يكون فعلا اختيارا لا قسريا ولا طبعيا ولكن الخطاء يكون في التطبيق فجوابه ليس بصحيح.
ثم لنا إيراد على الشيخ (قده) وهو انه قال بحسن الاحتياط والانقياد ولو لم يكن العمل مطابقا للواقع فهذا العمل الّذي صار بالاحتياط حسنا مع عدم الحسن الواقعي له فكيف لا يصير التجري سببا لقبح العمل ولو لم يكن في الواقع قبيحا ولا تتوهم ان حسن الاحتياط يكون من باب التفضل لأنه (قده) صرح بأنه يكون للانقياد.