المتجري لا قبح له فعلا ولا فاعلا والعقل يحكم بان المتجري يكون خبيث السريرة واما حكمه باستحقاق العقوبة له فلا وهذا يكون مقابلا لما ذهبنا إليه من قبح الفعل والفاعل كليهما.
ومحصل ما ذكره في الفرائد ان الأدلة التي يمكن ان يستدل بها لإثبات قبح فعل المتجري أمور كلها ناقصة. الأول دعوى الاتفاق والإجماع في كثير من فتاوى الفقهاء على ان الظان بضيق الوقت إذا تأخر الصلاة فانكشف عدم الضيق عصى سيده ولا يكون العصيان الا للتجري لأنه ما فعل قبيحا الا من جهته وأيضا يدعون الإجماع على ان سلوك طريق خطري ولو لم يكن كذلك بظن الخطر حرام ولا يكون الحرمة الا من جهة التجري.
فأجاب (قده) عن هذا الأمر بان الإجماع الّذي ادعيتم لا يكون محصلا والمنقول منه غير سديد والمسألة أيضا اختلافية على ان الكلام في المسألة الكلامية والإجماع لا يكون كاشفا من حكم العقل وفتوى الفقهاء والإجماع يثبت المسألة الفقهية على فرض التمامية فان العمل يمكن ان يكون قبيحا ولا يكون للشارع حكم على طبقه والوجوب والحرمة الشرعيتين لا يلازم القبح العقلي انتهى.
وهذا الكلام منه (قده) متين وان كان مخالفا لما ذهبنا إليه.
الثاني : بناء العقلاء على تقبيح المتجري وأجاب (قده) عنه بان التقبيح لا يعلم انه يكون من جهة سوء السريرة أو للفعل والظاهر كونه للأول.
الثالث : استقلال العقل بان التجري قبيح وفعل المتجري به أيضا قبيح والفاعل قبيح لأنه فعل فعلا قبيحا وردّه بأنه لو سلم حكم العقل لا نسلم كونه لنفس الفعل بل لأنه يكون كاشفا عن سوء السريرة.
الرابع : وهو الاستدلال الفني بان الشخصين إذا اعتقدا ان المائعين خمران فصادف اعتقاد أحدهما للواقع ولم يصادف الآخر فأحدهما شرب الخمر والآخر شرب الماء في الواقع فعلى هذا الفرض لا يكون التصورات العقلية خارجة عن أربعة عقابهما أو عدم عقابهما أو عقاب من صادف قطعه الواقع أو بالعكس والقول بعقابهما