وهكذا ... على الرغم من اختلاف ظروفهم واحوالهم ، فهذا يعني أيضا تكرّر الصدفة مرّات كثيرة.
وعلى هذا الأساس أرجع المنطق الاستدلال على القضيّة التجريبيّة والقضية المتواترة الى القياس المكوّن من المقدّمتين المشار إليهما ، واعتقد بأنّ القضية المستدلّة ليست بأكبر من مقدّماتها (١).
ولكن الصحيح ان اليقين بالقضية التجريبية والمتواترة يقين موضوعي استقرائي ، وان الاعتقاد بها حصيلة تراكم القرائن الاحتمالية الكثيرة في مصبّ واحد. فاخبار كل مخبر قرينة احتمالية ، ومن المحتمل بطلانها لامكان وجود مصلحة تدعو المخبر الى الكذب ، وكلّ اقتران بين حادثتين قرينة احتمالية على العلية بينهما ، ومن المحتمل بطلانها ـ أي القرينة ـ لإمكان افتراض وجود علّة أخرى غير منظورة هي السبب في وجود الحادثة الثانية غير انها اقترنت بالحادثة الاولى صدفة ، فاذا تكرّر الخبر او الاقتران تعدّدت القرائن الاحتمالية وازداد احتمال القضية المتواترة او التجريبية وتناقص احتمال نقيضها حتّى يصبح قريبا من الصفر جدّا فيزول تلقائيّا لضآلته الشديدة. ونفس الكبرى التي افترضها
__________________
(١) لانّه من باب القياس. فقد قالوا في المنطق :
اقتران حادثة ـ كالرشح ـ بحادثة أخرى ـ كالتعرّض فجأة للهواء البارد ـ دائمي (الصغرى) وكل دائمي ليس اتفاقيا (الكبرى)
فالاقتران المذكور ليس اتفاقيا (النتيجة)
فهذه القضية المستدلّة (أي النتيجة) ليست بأكبر من مقدّماتها وانما هي متضمّنة في الكبرى.