الاوامر الارشادية :
ومهما يكن فالاصل (١) في دلالة الامر انه يدلّ على طلب المادّة وايجابها ، ولكنه يستعمل في جملة من الاحيان للارشاد ، فالامر في قولهم «استقبل القبلة بذبيحتك» ليس مفاده الطلب والوجوب ، لوضوح ان شخصا لو لم يستقبل القبلة بالذبيحة لم يكن آثما ، وانما تحرم عليه الذبيحة.
__________________
(١) اي اننا إن شككنا في كون امر ما تكليفيا او ارشاديا فالاصل العقلائي والظهور العرفي يقتضيان حمله على التكليفي ، وهذه نقطة مهمّة في علم الفقه ، ولا أقل من اننا ننفي الشرطية بالبراءة.
__________________
واحتماله الاستحباب من صيغة الامر لا يحكم بالوجوب ، ولا اقلّ من باب قبح العقاب بلا بيان. وامّا التمسك بالاطلاق فقد يمنع التمسك به من باب ما ذكره استاذنا السيد الهاشمي في حاشية تقريراته ج ٢ ص ٢٥ من «ان وحدة السياق تشكّل ظهورا في وحدة الاوامر الواردة في سياق واحد من حيث الملاك والمدلول الجدّي ايضا فيصلح لان يكون ذلك قرينة على عدم تمامية الاطلاق في باقي الاوامر أيضا» ، (اقول) ومع وجود بعض الاوامر المعلومة الوجوب كاغتسل للجنابة مثلا يصحّ هذا الكلام أيضا ، وذلك لانّ وحدة هذا السياق تجعلنا نشك في كون المتكلم في مقام بيان طبيعة الحكم ، او قل ان علمنا بان المتكلم قد استعمل صيغة الامر في معنى الاستحباب في بعض الصيغ في سياق واحد يجعلنا نعلم انه ليس في مقام بيان حدود الحكم وشخصه (اي هل انه واجب او مستحب) بالنسبة الى هذه الصيغة ، وانما هو في مقام بيان اصل مطلوبيّة هذه الامور ، وعلى ايّ حال فلا شك في وجود خلل في مقدّمات الحكمة من هذه الناحية.
(ثمّ) إنّ ما ذكرناه بالنسبة الى الاوامر المتعدّدة آت بعينه في حال وحدة الاوامر مثل «اغتسل للجنابة والجمعة والزيارة» ، فانه بناء على الاقوال الثلاثة لا يمكن الحكم بوجوب الامر المردّد كغسل الجمعة مثلا في المثال المذكور بطريق اولى ، فلا نعيد.