المنطق القديم ليست في الحقيقة إلا قضية تجريبية ايضا (١). ومن هنا نجد ان حصول اليقين بالقضيّة المتواترة والتجريبية يرتبط بكل ما له دخل في تقوية القرائن الاحتمالية نفسها ، فكلما كانت كل قرينة احتمالية اقوى واوضح كان حصول اليقين من تجمّع القرائن الاحتمالية أسرع. وعلى هذا الاساس نلاحظ ان مفردات التواتر اذا كانت إخبارات يبعد في كل واحد منها احتمال الاستناد الى مصلحة شخصية تدعو الى الإخبار بصورة معيّنة ـ إمّا لوثاقة المخبر او لظروف خارجية ـ حصل اليقين بسببها بصورة أسرع ، وكذلك الحال في الاقترانات المتكرّرة بين الحادثتين ، فانه كلما كان احتمال وجود علّة غير منظورة (٢) اضعف كانت الدلالة الاحتمالية لكل اقتران على العليّة أقوى ، وبالتالي يكون اليقين بالعلية أسرع وأرسخ ، وليس ذلك إلا لان اليقين في المتواترات والتجربيات ناتج عن تراكم القرائن الاحتمالية وتجمّع قيمها الاحتمالية المتعددة في مصبّ واحد وليس مشتقّا من قضيّة عقلية أوّلية كتلك الكبرى التي يفترضها المنطق (٣).
__________________
(١) فانه لا يوجد دليل عقلي على ان «كل دائمي لا يتكرّر» ، وانما عرفنا ذلك من خلال التجارب الكثيرة ، لانّ مرادنا من كل دائمي لا يتكرّر انه يبعد كثيرا جدّا ان يكون اقتران كل تلك الحوادث اتفاقيا.
(٢) كما مرّ في المثال السابق من كون اقتران التعرّض للهواء البارد بعد الدفء بالرشح أمرا دائميا ، مع ضعف احتمال وجود علّة غير منظورة للرشح غير ما ذكر.
(٣) والتي هي مساوية أو اكبر من النتيجة.