الدقة وليس عرفيا فلا يكون مؤثّرا في اثبات اطلاق عرفي يعيّن احد الحدّين (*).
ـ ثانيها (١) : وهو مركّب من مقدمتين :
المقدّمة الاولى : إن الوجوب ليس عبارة عن مجرّد طلب الفعل ، لانّ ذلك ثابت في المستحبّات ايضا فلا بدّ من فرض عناية زائدة بها يكون الطلب وجوبا ، وليست هذه العناية عبارة عن انضمام النهي والمنع عن الترك الى طلب الفعل ، لانّ النهي عن شيء ثابت في باب المكروهات ايضا (٢) ، وانما هي عدم ورود الترخيص في الترك ، لانّ هذا الامر
__________________
المؤكّد لانّ كليهما إرادة شديدة ، والاختلاف بينهما في غاية الدقّة ، فلم نحمل الارادة الشديدة على خصوص الوجوب؟!
(١) هذا الوجه الثاني شبيه بكلام السيد البجنوردي رحمهالله في منتهى اصوله ج ١ ص ١٢٥.
(٢) مراده ان النهي في باب الواجبات بمعنى لا تترك والنهي في باب المكروهات بمعنى لا تفعل ، ورغم وجود النهي فيهما الّا ان النهي في الاوّل الزامي وفي الثاني تنزيهي (ولم) يكن هناك ضرورة لذكر جملة «وليست هذه ... المكروهات ايضا».
__________________
(*) والجواب على هذا ان الاختلاف بين الحدّين في نظري الشرع المقدّس والمتشرّعة في غاية الاهميّة ، كيف لا يكون كذلك ومن وراء مخالفة الواجب استحقاق عقاب الجبّار نعوذ بالله منه ، فلو كان الامر استحبابيا لذكر المشرّع الحكيم قرينة على ذلك لاظهار ارادة الاستحباب. (وكان) الاولى الجواب بانّ الاستحباب ـ رغم عدم وصوله الى درجة الالزام ـ هو إرادة أيضا بالوجدان ، فاذا كان الامر يفيد معنى الارادة فبأيّ حجّة نخرج احتمال الاستحباب؟!