ـ احدها (١) : ان الامر يدلّ على ذات الارادة ، وهي تارة شديدة كما في الواجبات ، وأخرى ضعيفة كما في المستحبات ، وحيث ان شدّة الشيء من سنخه بخلاف ضعفه (٢) فتتعيّن بالاطلاق الارادة الشديدة ، لانها بحدّها لا تزيد على الارادة بشيء ، فلا يحتاج حدّها الى بيان زائد على بيان المحدود ، بينما تزيد الارادة الضعيفة بحدّها عن حقيقة الارادة (٣).
فلو كانت هي المعبّر عنها بالأمر لكان اللازم نصب القرينة على حدّها الزائد (٤) ، لان الامر لا يدلّ الا على ذات الارادة.
وقد أجيب (٥) على ذلك بان اختلاف حال الحدّين امر عقلي بالغ
__________________
(١) هذا الوجه للمحقق العراقي رحمهالله ، راجع مقالات الاصول ج ١ ص ٦٥ ـ ٦٦ ، وبدائع الافكار ص ٢١٤.
(٢) فانه بما انه يشوبه شيء من غير سنخه ـ وهو هنا الترخيص وعدم الارادة ـ فانه لن يكون قسما حقيقيا للمقسم ، وهنا الامر كذلك ، فبما ان ارادة الاستحباب يشوبها ضعف اي عدم ارادة الالزام فارادة الاستحباب ليست ارادة تامّة ، وبما ان الامر يدلّ على الارادة فهو بالتالي لا يدلّ على الارادة الغير مرادة تماما ، فيتعيّن ارادة الوجوب.
(٣) وهو الترخيص وعدم ارادة الالزام.
(٤) بالترخيص.
(٥) مراده من هذا الجواب ان الاطلاق مجاله عالم الالفاظ ، فقول الآمر «اكرم العالم» يفيد وجوب اكرام جميع اصناف العلماء للاطلاق ، ولكن هذا الاطلاق لا يحدّد حقيقة هذا المطلق وهل انّ المراد منه خصوص المجتهد مثلا او لا ، وهنا الامر كذلك فالاطلاق لا يفيدنا ارادة خصوص معنى الوجوب وانما يفيد مطلق معنى الارادة. فلو قال المولى «صلّ الجمعة» فانّ العرف قد يتردّد بين الوجوب والاستحباب