العدمي (١) هو الذي يميّز الوجوب عن باب المستحبات والمكروهات ، ونتيجة ذلك ان المميّز للوجوب أمر عدمي وهو عدم الترخيص في الترك فيكون مركّبا من امر وجودي وهو طلب الفعل وامر عدمي وهو عدم الترخيص في الترك ، والمميّز للاستحباب امر وجودي وهو الترخيص في الترك ، فيكون مركبا من امرين وجوديين.
المقدّمة الثانية : انه كلما كان الكلام وافيا بحيثيّة مشتركة [وهي الطلب] ويتردّد امرها بين حقيقتين المميّز لاحداهما امر عدمي والمميّز للاخرى امر وجودي تعيّن بالاطلاق الحمل على الاوّل ، لان الامر العدمي اسهل مئونة من الامر الوجودي ، فاذا كان المقصود ما يتميّز بالامر الوجودي (٢) مع انه لم يذكر الامر الوجودي فهذا خرق عرفي واضح لظهور حال المتكلم في [كونه بصدد] بيان تمام المراد بالكلام. وامّا اذا كان المقصود ما يتميّز بالامر العدمي فهو ليس خرقا لهذا الظهور بتلك المثابة عرفا ، لانّ المميّز حينما يكون امرا عدميا كأنّه لا يزيد على الحيثيّة المشتركة التي يفي بها الكلام.
ومقتضى هاتين المقدّمتين تعيّن الوجوب بالاطلاق.
ويرد عليه المنع من اطلاق المقدّمة الثانية ، فانه ليس كل امر عدمي لا يلحظ امرا زائدا عرفا (٣) ، ولهذا لا يرى في المقام ان النسبة عرفا بين
__________________
(١) وهو «عدم ورود الترخيص في الترك».
(٢) وهو الاستحباب.
(٣) كالعمى ، فانّه وان كان امرا عدميا بالدقّة العقلية ، الّا ان العرف يرونه امرا زائدا يميّز صاحبه عن اغلب الناس ، والوجوب كذلك ، فانه وان