القول الثالث : ان دلالة الامر على الوجوب بالاطلاق وقرينة الحكمة ، وتقريب ذلك بوجوه :
__________________
أكثر ولا تنظر الى الحكم الواقعي الشامل للعالم والجاهل. وبتعبير آخر : إن قول المحقق النائيني هو بالنحو التالي : إن لم تحرز الترخيص فاعمل بالآخر ، وهو بمثابة قولنا : إن لم تحرز أمارة على الحكم الشرعي فالمنجّز عليك هو الاصل العملي وأنت تعلم انك إن لم تعلم بالحكم رغم البحث فالتكليف ـ كوجوب صلاة الجمعة مثلا ـ ثابت فعلا عليك ـ انت الجاهل بهذا الحكم ـ ولكن وظيفتك الشرعية أنك بريء الذمة ، اي أنّ التكليف الواقعي يشمل العالم والجاهل ولكن الاصل العملي ـ الذي لا يأتي دوره إلا في مرحلة التنجيز والتعذير ـ لا ينظر إلّا الى الجاهل بالحكم الواقعي. والنتيجة انه على قول المحقق النائيني ـ بناء على الاحتمال الثالث ـ يجب اتباع الامر من باب الوظيفة العملية للجاهل ، اي في مرحلة التنجيز والتعذير اي في مرحلة العمل فقط مع عدم علمنا بشمول الوجوب الواقعي لنا لاننا نجهل بارادة الوجوب من الامر.
__________________
ادعاؤه هو البناء على الوجوب الظاهري فقط.
(فيبقى) الردّ الوحيد هو الردّ الاوّل. ولك ان تضيف دليلا آخر عليه وهو دليل نقضي على المحقق النائيني وهو : ان الامر بمادّته وهيئته يدلّ عند المحقق النائيني على مطلق الطلب (الشامل للوجوب والاستحباب) ، فلا يدلّ الامر بذاته على خصوص الوجوب ، فربما كان المراد منه الاستحباب في الواقع حتّى ولو لم نر ترخيصا ، وح لا يحكم العقل بالوجوب لعدم الدليل عليه اثباتا (بل) إن الحكم بالوجوب من غير دالّ يدلّ عليه ينافي قاعدة قبح العقاب بلا بيان التي يعترف بها نفس المحقق النائيني رحمهالله والتي مفادها الترخيص. وعلى ايّ حال فاننا لم نجد للقول الثاني وجها إلّا على القول بمسلك حقّ الطاعة.