القول الثاني : ما ذهب إليه المحقّق النائيني رحمهالله (١) من ان ذلك بحكم العقل ، بمعنى ان الوجوب ليس مدلولا للدليل اللفظي ، وانما مدلوله (٢) الطلب ، وكل طلب لا يقترن بالترخيص في المخالفة يحكم العقل (٣) بلزوم امتثاله (* ١) ، وبهذا اللحاظ يتصف
__________________
(١) راجع الاجود ج ١ ص ٩٥(* ٢) ، وتبعه على هذا الرأي السيد الخوئى رحمهالله ذكر ذلك في محاضرات اصوله وفي مستند صلاته ج ٥ ص ٢٤٠.
(٢) اي وانما مدلول الامر ـ مادة او هيئة ـ هو مطلق الطلب (الاعم من الوجوب).
(٣) ينبغي ان يعلم ان مراد الاصوليين من حكم العقل هو كاشفيته عن حكم المولى ، وإلا فالعقل ليس مولى حتى يحكم ويطاع في احكامه.
__________________
(* ١) ومن هنا نسأل المحقق النائيني رحمهالله : ما هو منشأ حكم العقل بالوجوب اي من اين يستكشف العقل الوجوب؟ فان قال منشؤه اللفظ ، فهو المطلوب ، وان انكر منشئية اللفظ للوجوب فلا دليل على الوجوب ح ، ويتعيّن القول بالاستحباب لانّه القدر المتيقّن من درجات المطلوبية واللزوم ينفى بالبراءة ، وهو يؤدّي الى الخروج عن الدين في جميع الواجبات والمحرّمات ما عدا الضروريات.
(* ٢) يظهر لمن يطالع في الاجود ضعف ما افاده المحقق النائيني رحمهالله واغلب الظن انّ في التقرير نقصا هامّا وهو ما ذكره تلميذه السيد البجنوردي في منتهى اصوله ج ١ ص ١٢٥ وهو «أن طبع الطلب يقتضي لزوم ايجاد المادّة ، وان المأمور لو لم يوجدها لعدّ عاصيا ، إلّا ان يأذن المولى في الترك ...» ، وبهذا التتميم يصير لكلام المحقق النائيني رحمهالله وجه قابل للنظر ، وان كنّا لا نصحّح هذا الوجه ايضا لانّ مرجع هذا الطبع الى حاق اللفظ وظهوره في الوجوب.