مما لم يرده الشارع وأحال ذلك إلى اختيار المكلف وإرادته ، فيستفاد من نفس أدلة رفع الحرج بهذا التقريب بقاء مطلوبية المورد في حد نفسه لكنه مرخص في ترك هذا المطلوب ، ولذلك مثال في العرف كما لو قال المولى لعبده افعل كذا وإن شق عليك الفعل فلا بأس بتركه ، فلا ريب أنه يستفاد منه أنّه لو أتيت في حال العسر والمشقة أيضا فقد أتيت بمطلوبي إلّا أنّك مرخّص في تركه.
وقد يتمسك في إثبات الرخصة وحصول الامتثال بإتيان الفعل الحرجي برواية «أفضل الأعمال أحمزها» (١).
وفيه : أنّ موردها الأعمال المشروعة وكلامنا في مشروعية ما كان حرجيا ، وليست الرواية بصدد تشريع الأعمال الشاقة كائنة ما كانت كما لا يخفى.
ويظهر من بعض المحقّقين في مشروعية الفعل الحرجي التفصيل بين ما جعل له بدل على تقدير بلوغ حد الحرج كالتيمم بالنسبة إلى الوضوء والغسل وبين غيره ، فحكم بعدم المشروعية في الأول بدعوى أنّ التكليف بالطهارة المائية انقلب حال الحرج إلى الطهارة الترابية ، فالإتيان بالطهارة المائية حينئذ والاكتفاء به إلغاء للتكليف بالطهارة الترابية الثابت في هذه الحال بالفرض ، بخلافه في غير ما له بدل فإنّه يحكم بمشروعية الفعل الحرجي بتقريب ما سبق.
وجوابه : منع وجوب البدل تعيينا حين سقوط المبدل بدليل الحرج ، بل يحكم بوجوبه تخييرا بينه وبين المبدل ، وهذا المعنى لازم الحكم ببقاء الرخصة في فعل المبدل مع كون البدل بدلا في هذه الحالة.
__________________
(١) بحار الأنوار ٧٠ : ١٩١ ، ٢٣٧.