وفيه أوّلا : أنّها معارضة بالأخبار الدالة على اشتراك التكليف بين سائر المكلّفين مثل قوله (صلىاللهعليهوآله) : «حكمي على الواحد حكمي على الجماعة» (١) وقوله : «حكم الأوّلين والآخرين سواء» (٢) وغيرهما مما أشرنا إليه في دليل المختار. ومقتضى الجمع بين الطائفتين أن يحمل الأوّلة على رفع التنجّز بالنسبة إلى الحكم الواقعي وثبوت الحكم الظاهري المنجّز.
وثانيا : أنّ الظاهر من سياقها أنّ للجاهل أيضا حكما ثابتا في الواقع وقد جهل به ، فهو موضوع عنه من حيث العقاب عليه لا مطلقا ، وإلّا فلا معنى لرفع حكم العالم عن الجاهل فإنّه مرتفع بعدم موضوعه.
وقد أجاب عنها في الفصول بأنّ التكليف الواقعي ليس تكليفا فعليا بل تكليف شأني ، فتسميته تكليفا مجاز في الحقيقة ، والتكليف المنفيّ عن الجاهل هو التكليف الفعلي لا الشأني لأنّه تكليف حقيقة ، واللفظ يحمل على حقيقته عند عدم قرينة المجاز ، قال : وبالجملة فالتكليف الواقعي عندنا هو التكليف الذي يتعلق بالمكلف تعلقا فعليا بشرط علمه به ، وليس في هذه الوجوه ما يدلّ على نفي ذلك ، انتهى.
وفيه : أنّ هذا المعنى عين التصويب كما سيأتي من المصنف في القسم الثاني من أقسام الموضوعية ، فهذا كرّ على ما فرّ منه ، بل التحقيق أنّ الأحكام الواقعية أحكام فعلية وتكاليف حقيقية وإن كانت غير منجزة بمعنى عدم ثبوت العقاب على مخالفتها وكون المكلف معذورا بالنسبة إليها ، ويأتي تمام الكلام في ذلك إن شاء الله تعالى ، نعم لو كان المراد بالحكم الواقعي شأنية الحكم كما زعمه
__________________
(١) عوالي اللئالي ٢ : ٩٨ / ٢٧٠.
(٢) الوسائل ١٥ : ٣٩ / أبواب جهاد العدو ب ٩ ح ١.