بظهور الخطاب الحقيقي للموجودين ولو لم يكونوا حاضرين في مجلس الخطاب فيشمل الخطابات الشفاهية للغائبين ، ولكن لا يشمل المعدومين والظاهر أنّ ظاهر الخطاب الحقيقي هو للمشافهين فقط. فظهر لك أنّ الخطابات الشفاهية لا تشمل الغائبين ولا المعدومين ، فافهم.
إذا عرفت تحقيق أصل المطلب فنقول : هل يكون لهذا النزاع ثمرة أم لا؟ لا يخفى عليك أنّ لهذا البحث ثمرة مهمة وهي أنّه لو قلنا بعموم الخطابات الشفاهية حتى للمعدومين فيمكن التمسّك بإطلاق الخطاب لرفع القيد وإن قلنا باختصاص الخطابات للمشافهين فلا يمكن التمسّك للغائبين والمعدومين بإطلاق الخطابات لرفع القيد ، مثلا إذا قال : (يا أيها المؤمنون أقيموا الصلاة) فإن كان هذا الخطاب يشمل المعدومين فيمكن لمن كان معدوما في زمن الخطاب أن يتمسّك بالإطلاق لرفع قيد المشكوك فلو لم نعلم أنّ الصلاة مثلا مشروطة بالطهارة أم لا ، فبمقتضى إطلاق (يا أيّها المؤمنون أقيموا الصلاة) نحكم بعدم اعتبار القيد ؛ لأنّ المطلق إذا كان في مقام البيان يمكن التمسّك به لرفع القيد.
وأمّا لو التزمنا بعدم شمول الخطابات الشفاهية للمعدومين فلا يمكن التمسّك بالإطلاق مثلا في ما قال : (يا أيّها المؤمنون أقيموا الصلاة) فإن كان هذا الخطاب مخصوصا بالمشافهين فلو شكّ من كان معدوما في زمن الخطاب بأنّه هل تكون الصلاة مشروطة بالطهارة أو لا؟ فلا يمكن له التمسّك بإطلاق (يا أيّها المؤمنون أقيموا الصلاة) لرفع القيد المشكوك ، حيث إنّه ولو كان المطلق في مقام البيان إلّا أنّ منشأ التمسّك بالإطلاق هو أنّ المتكلم إذا كان في مقام بيان مراده ، فلو كان لشيء دخل في مراده فلم يبيّن فقد أخلّ بغرضه. فعلى هذا يجوز التمسّك بالإطلاق ، وأمّا لو كان المتكلم بحيث يعلم أنّ المخاطب واجدا للشرط الذي يكون له مدخلية في غرضه فلا