الطبيعة بلحاظ وجود الفرد فكلّما وجد فرد للطبيعة يسري اليه الحكم ، ولا يكون محتاجا الى أمر آخر ، ولكن هذا الحكم بالنسبة الى الفرد لا يكون حكما حقيقيا كي يجب الانبعاث اليه حتى يقال : إنّ المعدوم لا يمكن فيه ذلك ، بل يصير الحكم حقيقيا إذا وجد الفرد ، فبوجود الفرد يصير الحكم بالنسبة الى هذا الفرد حقيقيا ولو لم يكن حقيقيا بالنسبة الى فرد آخر ، وهذا لا إشكال فيه.
فعلى هذا يمكن تعلق الحكم بالمعدوم بهذا النحو ولا يكون ذلك بحكم حقيقي ، بل يكون نظير الحكم الإنشائي ، فإذا وجد الفرد يصير حقيقيّا ولا يكون الحكم الإنشائي الاصطلاحي ، حيث إنّ الحكم الإنشائي يكون في مرتبة الإنشاء فقط ، ولكن هنا يكون الحكم من جميع الجهات بالنسبة الى الطبيعة تامّا ، غاية الأمر إذا وجد الفرد يكون الحكم بالنسبة اليه حقيقيا.
فعلى هذا لا يكون قصور من ناحية الحكم ، فإذا وجد الفرد يصير بالنسبة اليه فعليا ، بل يكون القصور من ناحية المكلّف به أو المكلّف. ولا إشكال في إمكان الحكم كذلك ، ولا فرق بين المكلّف والمكلّف به من هذه الجهة ، فكما يمكن الحكم بهذا النحو في المكلّف به فيأمر بطبيعة إكرام الانسان مع عدم وجود أفراد الإنسان ، فكلّما وجد فرد للانسان يجب إكرامه فكذلك كان في ناحية المكلّف أيضا ، فيحكم بحكم بطبيعة المؤمن ، غاية الأمر كلّما وجد فرد له يصير الحكم بالنسبة اليه فعليا.
إذا عرفت ذلك أنّه يمكن أن يحكم المولى بهذين النحوين فنقول : إنّه لو حكم المولى بنحو القضية الطبيعية لم يكن مرتكبا لمجاز ، وكذلك لو حكم بنحو القضية الخارجية أيضا لم يكن مجازا ، لأنّه قلنا من أنّه يمكن الحكم بكلا النحوين.
فنقول في المقام : إنّه ولو كان الحكم بكلا النحوين ممكنا ولا إشكال في أنّه كما يمكن تعلّق الخطاب بالموجودين كذلك يمكن تعلّق الخطاب بالمعدومين أيضا كما وقع