إشكال في أنّ إنّما مفيد للحصر ، وكذا بل الاضرابيّة فيما إذا كان المتكلم في مقام الردع وإبطال ما اثبت أوّلا ، وكذلك تعريف المسند اليه باللام إذا كان الجنس معرفا كما قال : (الانسان زيد) ويكون مراده طبيعة الانسان عاريا من جميع الخصوصيات ، فلا إشكال في استفادة الحصر وكذلك مفهوم الاستثناء ففي مثل هذه الموارد لا إشكال فى كون مفهوم لها ، وهذا واضح لأنّ في كلّ منها يكون في مقام الحصر ولا إشكال في أنّه في ذلك المقام يستفاد المفهوم.
فظهر لك أنّ الاستثناء في مورد النفي إثبات وفي مورد الإثبات نفي.
وما قال أبو حنيفة من أنّ الاستثناء ليس في مقام النفي إثبات وفي مقام الإثبات نفي ، واستدلّ على ذلك بأنّه لو كان كذلك يلزم أن يكون في قوله صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا صلاة إلّا بطهور» أو «لا صلاة إلّا بفاتحة الكتاب» أن يحصل بمجرّد حصول الطهارة الصلاة أو بمجرد حصول الفاتحة الصلاة ولا يمكن الالتزام بذلك فاسد جدا ، ويكون هذا أيضا غلط من أغلاطه.
لأنّه من قال بأنّ الاستثناء يكون عن الاثبات نفي وعن النفي إثبات يكون معناه أنّ كلّ ما يكون في المستثنى لا يكون في المستثنى منه بمعنى أنّه في مثل «لا صلاة إلّا بطهور» تكون الصلاة صلاة من جميع الجهات إلّا من جهة الطهور ، فإذا كان فيها الطهور حيث كان جامعا لجميع الجهات فتكون صلاة ، فما هي صلاة إلّا من جهة الطهارة أو الفاتحة لا تكون صلاة إلّا بفاتحة الكتاب والطهارة ، هذا أولا.
وأما ثانيا فبأنّه قد ثبت في محلّه أنّ نقيض السالبة الكلية يكون موجبة جزئية ، فمعنى (لا صلاة إلّا بطهور) أو (بفاتحة الكتاب) هو أنّ الصلاة مع الطهارة وفاتحة الكتاب تكون صلاة في الجملة ، وهذا ليس محلّ إنكار فظهر لك فساد الإشكال.
فانقدح لك أنّه كل ما كان القيد راجعا الى الموضوع لم يكن له مفهوم ، وأمّا في كلّ مورد يكون القيد راجعا الى الحكم فيكون له المفهوم ، وهذا واضح ، وسرّه كما قلنا