أمر آخر بإكرام العالم فيكون مقتضى القاعدة عدم التداخل لكنّه يمكن أن يقال في موردين بالتداخل :
الأول : فيما يكون بينهما عموم من وجه مثل (أكرم عالما) و (أكرم هاشميا) ويكون في مورد اجتمعا مثل أنّه رجل كان هاشميا وعالما فالعقل يحكم في هذا المورد بسقوط الأمرين بإكرام واحد ، حيث إنّ كلّا من الأمرين يكون باعثا الى طلب صرف الطبيعة ولا يكون أحدهما مقيّدا بعدم الآخر ، فإذا كان كذلك فيوجب سقوط الأمرين بإتيان واحد بحكم العقل.
المورد الثاني : ما إذا ورد دليل من قبل الشارع بالتداخل فإذا ورد دليل يلزم القول بالتداخل كما وقع ذلك مثلا في باب الوضوء والغسل للجنابة مع كون كلّ من أسبابهما موجب لمسبّب غير الآخر ، فالحدث الأصغر موجب لتعلّق الوضوء ، والحدث الأكبر موجب لتعلّق الغسل ، ولكن مع ذلك ورد من الشارع بالتداخل كما هو مضمون ما ورد في الفقه الرضوي ويكون قريبا من هذه العبارة : (غسل الجنابة والوضوء فريضة يجزيك عنهما غسل واحد) وكذلك في الأغسال مع كونها متباينات ـ ولو كان تباينها من حيث الأثر فأثر غسل الجنابة هو الإجزاء عن الوضوء بخلاف سائر الأغسال مثلا فمع كون الأغسال متباينات ـ مع ذلك دلّ الدليل على الإجزاء عن كلّها بغسل واحد كما يكون قريب ذلك مضمون رواية غسل الجنابة والجمعة والحيض حقوق يجزيك عنها حقّ واحد ، فظهر لك أنّه في الموردين يمكن القول بتداخل المسبّبات الأوّل في مورد حكم العقل ، الثاني في مورد حكم الشرع ، فافهم واغتنم.
التنبيه الرابع : اعلم أنّه على ما قلنا من استفادة المفهوم من الجملة الشرطية ظهر لك أنّ كلّما يكون القيد راجعا الى الموضوع لا يمكن استفادة المفهوم ، لأنّه يمكن أن يكون موضوع المقيّد موردا للحكم ، فإذا كان كذلك لا يكون الحكم مطلقا ، لأنّه