التكليف بالمحال ، حيث إنّه لم يكن مقدورا له إلّا أنّه بعد ما كان العقل حاكما بالخروج من باب مراعاة أخفّ المحذورين فلا يلزم على الشارع التكليف بالخروج ، والمفروض هو أنّ المكلف أوقع نفسه في المكان الغصبي بسوء اختياره وبعد ما كان الدخول بسوء اختياره لا يجب على الشارع الأمر بالخروج ولا يمكن تغيير الخروج عمّا هو عليه من المبغوضية وإلّا يلزم أن تكون الحرمة متعلقة بإرادة المكلف ، وهذا واضح الفساد.
وقال بعدا أنّه لو فرضنا أنّه يكون الخروج مقدمة لترك البقاء ولكن يجب الخروج إذا كان البقاء حراما ، وأمّا إذا لم يكن البقاء حراما فلا يجب الخروج ، ولا يخفى أنّ الخروج والبقاء يكونان مثلين من هذه الجهة ، فإن كان طروّ الاضطرار مانعا عن التكليف التحريمي وجريان حكم المعصية فنقول كذلك في البقاء ؛ لأنّ البقاء بعد الدخول يكون مضطرا اليه فلا يكون واجبا ، غاية الأمر أنّ العقل يرشد بالخروج لرعاية أخفّ المحذورين ولو كان للشارع هنا حكم كان أيضا إرشادا بحكم العقل. فظهر لك أنّ الخروج لم يكن واجبا لا بالوجوب المقدمي ولا بالوجوب النفسي. والتحقيق هو ما ذهب اليه المحقق الخراساني رحمهالله من كون الخروج منهيا عنه بالنهي السابق.
ولكن ما قاله المحقّق الخراساني في جواب وجوب الخروج بالوجوب المقدمي فليس بسديد ، لأنّ ما قاله من أنّ الخروج لم يكن واجبا بالوجوب المقدمي لأنّه بسوء اختياره يدخل في المكان المغصوب ولا يتغيّر الخروج عمّا هو عليه من الحرمة ، والعقل يحكم إرشادا بالخروج نقول : إنّ الضدّين إذا كان ممّا لا ثالث لهما فلا يمكن أن يكون حكمهما مختلفا وفي المتلازمين غاية الأمر لا يلزم اتفاقهما في الحكم ، وإمّا لا يمكن اختلافهما في الحكم فالخروج لا يمكن أن يكون محرّما مع كون ترك البقاء الملازم له واجبا ، ولكن يكون الخروج منهيّا عنه ولكن نقول بأنّ البقاء لم يكن