شيء آخر بعد حصول هذا الشيء بأربعة أيام مثلا ، فإذا كان في مقام التصوّر لم يكن شرطا مقدّما ولا مؤخّرا ، بل يكون مقارنا دائما ، إذ بعد تعلّق الإرادة بشيء تعلّقت بمقدّماته في هذا الظرف ، غاية الأمر تعلّق الإرادة يكون مختلفا وإلّا ظرف الإرادة يكون واحدا.
فعلى هذا بعد ما قلنا من أنّ الإرادة من الامور الذهنية لا بدّ أن يكون شرطها أيضا من الامور الذهنية ، فإذا كانت العلة والمعلول من الامور الذهنية لا يكون تقدّما ولا تأخّرا ، بل يكون دائما مقارنا ، والتقدّم والتأخّر يكون في الوجود الخارجي ، مثلا إذا تصوّرت وجود العقرب هل تفرّ بصرف التصوّر ولو لم يكن عقرب في الخارج؟ فكما في الإرادات التكوينية يكون موطن الإرادة هو الذهن ومعلوله أيضا في الذهن كما قلنا في المثال فإنّك تفرّ عن العقرب الذي تصورته في ذهنك ، وإلّا ربما يكون العقرب في الخارج ولم يكن ملتفتا له ، ولذا لا تفرّ أبدا ، فكذلك يكون الأمر في الارادات التشريعيّة ، فإذا تصوّرت أنّ العقرب يؤذي ولدك تأمره بالفرار ، ولو لم يكن واقعا عقرب في الخارج فبمجرّد تصوّر العقرب تعلّق الارادة بالفرار عنه.
فظهر لك أنّ ما هو شرط للتكليف يكون شرطا في الذهن وفي مقام التصوّر ، وفي هذا الوجود الذهني لم يكن الشرط متقدّما أو متأخّرا حتى يرد الإشكال المتقدّم فتتعلّق الإرادة بالشيء بشرط حصول شرطه قبلا أو بعدا ، وتصوّر المقدمة مع ذي المقدمة يكون مقارنا ولم يكن بينهما تأخّر أو تقدّم.
ومن هنا يظهر حال الوضع فإنّ شرط الوضع أيضا يكون كذلك حيث إنّه أيضا يكون في الوجود الذهني ، لما قلنا من لزوم السنخية بين العلّة والمعلول ، فيكون الوضع حاله حال التكليف فإنّ الحكم إمّا أن يكون حكما تكليفيّا وإمّا أن يكون حكما وضعيا ففي كلّ منهما لا يرد الإشكال حيث إنّ موطن الوضع وشرطه هو