المولوي الى مقدماته وإذا كان وجوب الواجب وجوبا إرشاديا يترشّح الوجوب الارشادي الى مقدماته ، فعلى هذا وإن كان وجوب مقدمة العلم وجوبا إرشاديا إلّا أنّه وجوب ذيها يكون أيضا إرشاديا ، حيث إنّ بعد ما وجب شيء يحكم العقل بلزوم الخروج عن عهدة هذا التكليف ، فيترشح عنه الوجوب الى مقدماته فكلّ شيء يتوقّف عليه خروج من العهدة يكون واجبا إرشاديا ، ومنها مقدمة العلم ، وهذا هو الذي نعبّر عنه بأنّ الاشتغال اليقينيّ موجب للبراءة اليقينيّة ، مثلا إذا قطعت بكون البول في أحد الإناءين يحكم العقل بأنّ بعد ما اشتغلت ذمّتك بالتكليف يجب عليك إرشادا الخروج عن عهدة هذا التكليف فإذن تجب مقدماته أيضا وهي الاجتناب عن الطرفين ، وهذا واضح ، فظهر لك أنّ مقدمة العلم داخل في محلّ النزاع أيضا.
ومنها : تقسيمها الى المتقدّم والمقارن والمتأخّر بحسب الوجود بالإضافة الى ذي المقدمة وقد اشكل على تصوير مقدمة المتأخّر بأنّه كيف يعقل أن يكون الشيء مقدمة لشيء ومع ذلك يكون مؤخّرا عنه ، لاستحالة تأخّر العلّة عن المعلول ، ولاستحالة تأثير المعدوم في الموجود ، إذ حين وجود ذي المقدمة لم تكن المقدمة موجودة على الفرض حيث إنّها تكون متأخّرة من حيث الوجود عن ذيها ، مثلا إن قلنا بأنّ غسل ليلة البعد يكون مقدمة لصحّة صوم يوم القبل يقع الاشكال ، حيث إنّ الغسل لم يكن موجودا حين وجود الصوم فكيف يكون مقدمة له ، ومن الواضحات أنّه لا يمكن تأثير المعدوم في الموجود؟
ولا يخفى أنّ هذا الاشكال يرد في المقدمات التي تكون علّة أو جزء العلّة ، حيث إنّ المعلول لا يمكن أن يكون مقدّما أو مؤخّرا عنها ، بل لا بدّ من المقارنة وأنّه في سائر المقدمات ، كالمعدّ مثلا فلا يرد هذا الاشكال فيمكن أن يكون مقدّما أو مؤخّرا ، فافهم.