وأمّا الواقعة بأحوال الراوي فهي : إمّا العلم ، أو الورع ، أو الذكاء ، أو الشهرة ، أو زمان الرواية ، أو كيفية الرواية.
أمّا الحاصلة بالعلم فمن وجوه (١) :
الأوّل : رواية الفقيه راجحة على رواية غيره مطلقا عند قوم وهو الحق ، لأنّه يميّز بين ما يجوز وما لا يجوز ، فإذا حضر المجلس وسمع كلاما لا يجوز إجراؤه على ظاهره بحث عنه وسأل عن مقدّمته وسبب نزوله ، فيطّلع على سبب يزيل الإشكال. أمّا من لم يكن عالما فإنّه لا يعرف الجائز من غيره ، فينقل ما سمعه فربّما كان ذلك القدر وحده سببا للضلال.
وقال آخرون : هذا الترجيح إنّما يعتبر في خبرين مرويين بالمعنى ، أمّا اللفظ فلا. والحق ما تقدّم.
الثاني : رواية الأفقه راجحة على رواية الفقيه ، لأنّ احترازه عن الغلط أكثر ، فالظن الحاصل بخبره أقوى.
الثالث : العالم بالعربية أرجح رواية من غيره ، لتمكّنه من التحفّظ عن مواقع الزلل ، وقدرته على ما لا يقدر غيره عليه. وقيل : بل غيره أرجح ، لأنّ العارف بالعربية يعتمد على معرفته فلا يبالغ في الحفظ اعتمادا على خاطره ، والجاهل يكون خائفا فيبالغ في الحفظ.
وفيه نظر ، فإنّ معرفته تقتضي اختلاف دلالات الألفاظ باختلاف
__________________
(١) ذكرها الرازي في المحصول : ٢ / ٤٥٤ ؛ والآمدي في الإحكام : ٤ / ٢٥٢ ـ ٢٥٣.