المدلول ، فيتوقّف ثبوتها على ثبوت كلا المنتسبين ، فوجود المطلوب متقدّم على الاستدلال بمراتب ، والظن متأخّر عن الاستدلال ، لأنّه نتيجته ، فلو كان الحكم إنّما يحصل بعد الظن كان المتقدّم على الشيء بمراتب نفس المتأخّر عنه بمراتب ، وهو محال.
الرابع : المجتهد طالب ، فله مطلوب متقدّم في الوجود على وجود الطلب ، فيثبت الحكم قبل الطلب فيكون مخالفه مخطئا.
لا يقال : لا نسلّم طلب المجتهد حكم الله تعالى ، بل عليه الظن كمن يقال له : إن ظننت السلامة أبيح لك ركوب البحر ، وإن ظننت العطب حرم ؛ وقيل الظن لا حكم فيه عليك ، بل يترتّب حكمه على ظنّك بعد حصوله ، فهو طلب للظن دون الإباحة والتحريم.
لأنّا نقول : المجتهد لا يطلب الظن كيف كان ، إجماعا ، بل الظن الصادر عن النظر في أمارة تقتضيه ، والنظر في الأمارة يتوقّف على وجودها ، ووجودها يتوقّف على وجود المدلول ، فطلب الظن موقوف على وجود المدلول بمراتب ، فلو توقّف وجود المدلول على حصول الظن دار.
الخامس : قوله تعالى : (وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شاهِدِينَ* فَفَهَّمْناها سُلَيْمانَ)(١) خصّ سليمان بفهم الحق في الواقعة ، وهو يدلّ على عدم فهم داود ،
__________________
(١) الأنبياء : ٧٨ ـ ٧٩.